نبيل صديق
اختيار مسئول فاشل.. بداية الانهيار!
لا ندرى كيف يتم اختيار المسئولين فى مصر؟!
أكثر من نصف قرن يتم اختيار وزراء ومحافظين ومواقع قيادية فى الدولة، المئات منهم يأتون ثم يرحلون عن المناصب ولا نعرف لماذا جاءوا؟! ولماذا رحلوا عن مناصبهم؟! لا توجد معايير محددة للاختيار، وأزمة استقالة خالد حنفى وزير التموين مؤخرا أبرز مثال لهذه القضية الحيوية، لا نعرف كيف جاء للمنصب، ولا من رشحه، ما معايير الاختيار، وهل تناسب قدراته ومؤهلاته المنصب؟!
فى العالم المتحضر كل وظيفة مهمة كان لها ما يسمى بـ «التوصيف الوظيفى»، هذا التوصيف يحدد المهام المحددة للوظيفة بشكل منهجى منظم، ويحدد أيضا المؤهلات والقدرات والمهارات التى يجب أن تتوافر فى الشخص المرشح للوظيفة، وأيضا تحدد معايير وطرق تقييم أداء من يقع عليه الاختيار لتولى المنصب أو الوظيفة!
والواقع فى مصر مؤلم! الاختيار يأتى من أهل الثقة فقط، وتجاهل الكفاءات المهنية فى كل المجالات.. والنتيجة الطبيعية جهاز إدارى مترهل يضم 6.5 مليون موظف، أغلبهم بطالة مقنعة، من أعلى هذا الجهاز إلى أصغر موظف. الكفاءة غائبة فى ظل غياب المعايير الحقيقية للاختيار والترقى وأيضا غياب منظومة التدريب والتنمية البشرية لتطوير القدرات والمهارات لدى العاملين فى الجهاز، والنتيجة الطبيعية الترهل والفساد الإدارى وتعطل مصالح المواطنين واغتيال أصحاب المهارات نفسيا وتدمير كفاءتهم بالتجاهل أو التواطؤ أو بالاستبعاد، وأصبح الشعار السائد من أكبر وزير إلى أصغر موظف «من يعمل كثيرا يخطئ كثيرا ويعاقب.. ومن لا يعمل لا يخطئ ولا يعاقب»!
وأصبح الموظف البليد هو الذى يرقى للمناصب القيادية، مما أدى إلى تدهور كل الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية والمجتمعية والتعليمية، وأصبح من الطبيعى أن نجد مصر فى المؤشرات العالمية فى مراكز متأخرة، وأبرز مثال مؤشر جودة التعليم الذى صدر مؤخرا وجاءت مصر فى المركز 140 من 141 دولة، مما يشير لخطورة الموقف الحالى نظرا لتدهور جودة التعليم ويعنى إفراز المزيد من الكوادر الفاشلة العاجزة غير القادرة على العمل أو الإبداع أو التفكير أو المبادرة، وتجريف التعليم هو السبب الرئيسى فى ضعف من يتولون المناصب القيادية فى الدولة!
ولابد من إعادة النظر فى التعليم لرفع الكفاءة ووضع معايير محددة لتولى المناصب ووضع معايير تحدد المهارات والقدرات المطلوبة لتولى كل منصب، ومعايير لتقييم الأداء، لنعرف جميعا لماذا جاء هذا الوزير أو المحافظ أو المسئول ولماذا يرحل، ولماذا استمر فى منصبه! لأن استمرار هذه الأوضاع السيئة سيقودنا للهاوية ووقتها لن ينفع البكاء على اللبن المسكوب!.•