أحمد معوض
كلمة ونصف .. هانيالك ياحاج
أول عهدي برحلة الحج كان عمري وقتها تقريبا 6 سنوات. وكان جدي مسافرا لأداء الفريضة. ذهبنا إلي بيته فوجدت أبناءه وقد دهنوا جدران المنزل من الخارج باللون الأبيض ونقشوا عليها رسومات الكعبة الشريفة وطيارة وعلم مصر.
اصطفت مجموعة من السيارات أمام المنزل. وعلق كل قائد سيارة علما أبيض. وبدأ أفراد العائلة يستقلون السيارات للذهاب إلي المطار لوداع الحاج.
في الطريق. كان الجميع يردد الأغاني نفسها. "هانيالك ياحاج".. "والحاج سافر ونسيت أقوله.. يجيب غوايش للشارع كله" ولا أدري هل الحاج جدي كان ذاهبا للأراضي المقدسة لأداء الفريضة أم للتجارة وشراء الغوايش. ثم لماذا غوايش؟! هل كل الذين يسكنون في شارع جدي من النساء؟! وهل كان جدي ثريا إلي هذه الدرجة حتي يشتري للشارع كله؟! وانتهي الأمر إلي أنها مجرد أغنية فولكلورية يتم ترديدها في هذه المناسبة. وإن الحاج عند العودة سيأتي بسبح وسجاجيد.. لماذا؟ لأننا في الأصل نسينا أن نقول له: "يجيب غوايش".
***
صديق رآني وقد اطلقت لحيتي. فظن أنني الآن أصبحت مهيئا للفتوي. فسألني: "ما رأيك في الذين يحجون كل عام.. علما بأنني أعرف 3 اشخاص منهم من حج 35 مرة والثاني 17 والأخير 10 مرات؟!
تقمصت دور الفنان عادل إمام في فيلم "حسن ومرقص" وسألته: "هو الدين بيقول إيه"!. فنظر ليّ باستغراب وقال: "أنا الذي اسألك".
فتذكرت قصة..
كان هناك عبد زاهد اسمه "عبدالله بن مبارك" في طريقه لأداء الحج مع أهل بلدته. وفي الطريق رأي امرأة تفتش في أكوام من القمامة. وأخذت منها أحد الطيور النافقة. فقال لها ألا تعلمين أن الله حرم أكل الميتة. فردت عليه: وألا تعلم انه ليس علي المضطر حرج. وأردفت: "أنا أرملة فقيرة وأم لأربع بنات ولا يوجد من يكفلنا".
هنا بكي عبدالله بن مبارك. واعطاها كل الأموال التي كان ينوي أن يحج بها. وعاد إلي بلدته ولزم بيته. حتي لا يعرف أحد انه لم يحج معهم.
عندما عاد الحجاج من أهل بلدته. ذهبوا إليه ليشكروه علي اعانته لهم طوال فترة الحج. فتعجباً بن مبارك من قولهم. كيف ذلك وهو لم يفارق البلدة؟!
ناما بن مبارك ورأي في منامه. ان الله خلق ملكا علي هيئته. ليحج بدلا منه مع أهل بلدته. وأن الله كتب لكل حاج ثواب حجه. وكتب لابن مبارك ثواب سبعين حجة. جزاء لعظيم صنعه مع الأرملة الفقيرة.
اللهم ارزقنا حج بيتك "الحرام" من أموالنا "الحلال".