مؤمن الهباء
شهادة .. المجلس.. والضريبة
قطعت جهيزة قول كل خطيب.. وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان.. ووافق مجلس النواب علي قانون ضريبة القيمة المضافة كما أرادته الحكومة.. رغم كل التأكيدات السابقة بأنه لن يتورط في فرض أي ضرائب أو رسوم جديدة تثقل كاهل المواطنين.. وخاصة محدودي الدخل.. والغريب أن يتم فرض الضريبة باسم "الاصلاح الاقتصادي".
لا أدري لماذا يجب أن يكون الاصلاح الاقتصادي دائما بفرض ضرائب ورسوم وزيادة الأسعار ورفع الدعم؟!.. لماذا يجب أن يكون الاصلاح الاقتصادي عنوانا جميلا علي مضمون صعب ومؤلم للفئات غير القادرة؟!
وكنا قد صدقنا الأصوات البرلمانية التي وعدت في تصريحات للصحف ووسائل الاعلام بأنها ملتزمة بتخفيض نسبة ضريبة القيمة المضافة إلي 12% بدلا من النسبة التي قدمتها الحكومة وهي 14%.. لكن الكثرة غلبت الشجاعة.. وفرض الحزب الجديد الذي يرفع لافتة "دعم مصر" رأيه رغم الاعتراضات الواسعة.. فوافق علي تطبيق الضريبة بنسبة 13% من اكتوبر القادم.. ثم ترفع النسبة إلي 14% مع بداية العام المالي الجديد.. أي بعد 8 أشهر فقط لا غير.. وهو ما دفع كثيرين إلي طرح السؤال التالي: "ودنك منين ياجحا؟!"
لقد رفع التجار أسعار السلع من قبل حتي تطبيق القانون.. ومن يقرأ الصحف سوف يجد أن نسبة الضريبة تم مضاعفتها علي أرض الواقع.. وحين يصل السعر إلي المستهلك النهائي.. وخاصة في السلع الغذائية.. ورفع سعر الضريبة مرة أخري في يوليو القادم يعني مباشرة موجة جديدة من رفع الأسعار.. ناهيك عن المفاجآت الأخري غير السارة التي تنتظرنا في بداية العام المالي الجديد أيضا باسم "الاصلاح الاقتصادي".. وأولها بالطبع الموجه الثالثة من رفع الدعم عن الكهرباء.. وهو ما يعني زيادة جديدة في الفواتير.
ولكي يتم تمرير قانون الضريبة رغم انسحاب ومعارضة عدد من النواب أعلن الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب أن المجلس نجح في انتزاع 57 سلعة من جدول الضريبة إلي جدول الاعفاء.. وبالتالي فالضريبة لن تمس محدودي الدخل الذين يعملون بالزراعة والطرق والمحاجر وينامون من العاشرة مساء ولا يستخدمون السيجار ولا الكافيار.. وينسي الدكتور رئيس المجلس ان محدودي الدخل يتعاملون مع المواصلات التي تستهلك منتجات البترول كالبنزين ومشتقاته والكيروسين والسولار.. ويستهلكون الزيوت النباتية في طعامهم ويتعاملون مع المنتجات الصناعية التي ارتفعت أسعارها بفعل زيادات أسعار الكهرباء أو زيادات الضريبة المضافة.. ومن ثم فإن محدودي الدخل هؤلاء هم أول من سيتضرر من كل زيادة تحدث في أسعار السلع.
ومحدودو الدخل لا يصدقون الحكومة التي تقول لهم إنها ستعمل علي مراقبة الأسواق والحفاظ علي معدلات الأسعار ومواجهة جشع التجار لسبب بسيط.. أنهم سمعوا وقرأوا هذا الكلام آلاف المرات لكنهم لم يجدوا له ظلا من الحقيقة.. حتي جهاز حماية المستهلك اتضح انه لافتة جيدة علي كيان غير قائم.. وليس له وجود.
ومع موجة ارتفاع الأسعار تشعر كل الفئات أنها مظلومة.. وأن عليها أن تغطي خسائرها بكل السبل.. ومادامت الحكومة هي التي فتحت باب زيادة الأسعار فلن تستطيع أن تراجع أحدا أو تتهم أحدا.. والمبرر جاهز دائما عند تجار التجزئة.. "الكبار.. ولعوها" ولهذا فإن الذنب كله ذنب الكبار.. ولا تثريب علي التاجر الغلبان.