المصرى اليوم
نيوتن
عندما يخسر الجميع
الآن لا نستطيع فرض الحراسات مرة أخرى. فات الميعاد. هذا لن يجذب مستثمرا واحدا. فنحن ننتحر لجذب استثمارات. هذا من غير الحراسات. مع ذلك لم نغادر الماضى برمته. مازلنا نستحضر بعضا من روحه. أفكاره القديمة. فلسفته البالية.
فلا مانع من الضربات غير المرئية. لكزات الكوع فى الزحام. اللكمات فى الظلام. لا مانع من تهييج الجهات كلها على المستثمر. فى عالم الحقد هو مجرم بالهوية. إن كانت مصلحة الضرائب. فقد هجرت بالتدرج الفحوصات العشوائية.عادت للتقديرات الجزافية بجنون. اسألوا المحاكم.

يكفى أن نقول إن فلان إخوانى أو من الفلول. بدون تحقيق وبدون إبداء الأسباب ستجد أمواله مجمدة وسيجد نفسه ممنوعاً من السفر.

لو تقدم عابر سبيل بشكوى ضد أى مستثمر. وآه لو كان مصرياً أثيماً. فيا ويله. سيكون ضيفاً دائماً على نيابة الأموال. إلى أن يتصالح بملء إرادته. ويسدد المعلوم وهو يكاد يطير من السعادة.

ثقافة الحقد التى يمارسها عابر السبيل والمسؤول مرحاً مغرداً وهو يتغاضى عن القانون. يتجاهله محتقراً له. فالقانون هنا لا يحقق العدالة الحقيقية. العدالة ستحقق فقط عندما يدفع الزبون ما يكسر ظهره. ما يؤكد توقف أعماله.

فى رأيهم هم يستعيدون للدولة حقوقها المنهوبة. ولكن عندما يتجاهلون القانون. فهم يحرقون حق الدولة فى المستقبل.. أى مستقبل؟

عندما يفوز الأهلى على الزمالك. يكون هناك من فاز. وهناك من خسر. لكن كيف نجد جمهوراً يشجع خسارة الجميع؟ حيث لا يوجد مستفيد وحيد. الجميع هنا خسران. للأسف هذه هى الحقيقة. تجاوزنا عنها بإصرار. أغفلناها عقوداً طويلة.

لا أنسى مشهد رواد الأعمال. عندما عاقبتهم ثورة يوليو. عاقبتهم على نجاحهم. مثل سباهى باشا. تم تجريسه والحط من قدره. نجحنا فى التقليل من عظيم عمله.

كان هناك برنامج شهير باسم «دقت الساعة». لا أنسى يوم أن نشر حافظة مشتملاته يوم أن وصل إلى القاهرة هو وعائلته. حقيبتان ووابور جاز وعدد من الأوانى. ثم عرض فضيحة الرجل وعوراته. مصنع مهيب. فيلا فاخرة. سيارتان فاخرتان. هذه مظاهر كلها تكفى لإدانته. بل تكاد أن تقدمه لحبل المشنقة. نجاح باهر فى الانقلاب على قيم النجاح. صوروا للناس النجاح على أنه فشل. أما الفشل المركّب عندما تتولى الدولة الاستثمار والتجارة والخسارة هى شكل النجاح المقبول.. من يومها ونحن نعاقب كل الناجحين.

لم يكن سباهى الوحيد. فعلوا الأمر نفسه مع سيد ياسين. رائد صناعة الزجاج فى مصر. لو دامت صناعته لنافسنا بها مورانو جزيرة صناعة الزجاج فى إيطاليا. كان هذا مروراً بعبود باشا. والطويل. وفريد سعد. وكل من توسم خيراً فى مصر وأنشأ نجاحا. لم نتخلص من ثقافة الحقد. آن الأوان للخروج من فقاعة لم نغادرها منذ أكثر من 60 عاماً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف