الأهرام
أحمد سعيد طنطاوى
دروس زوكربيرج من نيجيريا
تابعت بكثير من اﻹعجاب الدعاية غير المباشرة التى قام بها مارك زوكربيرج مؤسس فيسبوك، لمدينة لاجوس النيجيرية.. هذه الدعاية سواء كانت بقصد أو دون قصد منه شخصيا إلا أنها جعلت المدينة تحت أنظار وكاميرات وأضواء ملايين المتابعين له حول العالم.. بالإضافة إلى أنظار ملايين أخرى من المهتمين بالتكنولوجيا والإنترنت.
زوكربيرج ذهب إلى قلب أكبر بلد أفريقى من حيث عدد السكان (187 مليون نسمة).. ليطبق المثل الذى يقول "أعطنى سوقا لأقدم لك خدمة ومصنعًا".

وزوكربيرج لديه من الذكاء ما يجعله دائما يتجه ناحية السوق الكبير – فعلها قبل ذلك مع الهند - والسوق النيجيرى هذه المرة ليس كبيراً وفقط.. وإنما هو أيضاً يافع وشاب، فمتوسط أعمار الشعب تقدر بنحو 18 عاماً فقط، وفقا لآخر الإحصاءات العالمية.

كما أن الثروة النفطية التى تمتلكها البلاد بالإضافة إلى وجود طبقة من الأغنياء الشبان الجدد ومحاولاتهم المتطلعة نحو بناء شراكات عالمية واستخدام أحدث أنواع التكنولوجيا.. كل هذه العوامل مجتمعة تجعل من نيجيريا هدفا بالأساس عند كبرى الشركات العالمية.

فالرجل ذهب لينشر الإنترنت المجانى عبر مؤسسته "إنترنت أورج".. وبالتالى فإن توفير إنترنت مجانى سيوفر ملايين المستخدمين الجدد له على فيسبوك.. وملايين المستخدمين سيجذبون ملايين المعلنين.. وملايين المعلنين تعنى ببساطة شديدة تدفق ملايين الدولارات إلى حسابه فى البنوك.. إنها كرة الثلج التى تبدأ بالمجان.

وعودة إلى الدعاية غير المباشرة لزيارته إلى لاجوس.. فإذا نحينا ما يمكن أن يجنيه زوكربيرج من نيجيريا وتجنيه الدولة منه.. نجد أن نيجيريا استفادت دعائيا من تلك الزيارة عبر ثلاث صور نشرها الرجل على حسابه الشخصى فى فيسبوك.. أحب أن ألفت النظر إليها.. لعلنا قد نستفيد نحن أيضا من زيارات الشخصيات العالمية ذات الثقل الدولى والشهرة الكبيرة إلى مصر.

صورة زوكربيرج مع بضعة أطفال حصدت 160 ألف إعجاب.. ونحو 11 ألف مشاركة.. وكتب معلقا عليها "هذه أول زيارة لى إلى جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى، حيث سأجتمع ببعض المطورين وبعض رجال الأعمال، للتعرف على النظام الخاص بالشركات الناشئة فى نيجيريا".. "تحدثت مع العديد من الأطفال فى المعسكر الصيفى للبرمجة والذين جاءوا لبناء وإطلاق تطبيقاتهم، وإننى أتطلع إلى لقاء المزيد من الأشخاص خلال الفترة المقبلة".

نَشرَ زوكربيرج بعد الصورة الأولى، صُورة أخرى يصافح فيها امرأةً نيجيرية لديها شركة لتوفير الإنترنت لنحو 3000 عميل.. وقد جمعت الصورة نحو 130 ألف إعجاب ونحو 6500 مشاركة.

أما أهم ما أحب أن أشير إليه.. صورته وهو يعدو فوق كوبرى "أيكوى" بمدينة لاجوس.. فكانت هى الدعاية الكبرى للمدينة عالميا، حيث انطبعت داخل النفوس أن المدينة بها كثير من الأمن والأمان.. وما أكد هذا الانطباع أنه لا يصاحبه فى جولته رجل شرطة واحد، ولا حتى بضعة خفراء متخفين.. ولأن الصورة تدعو لممارسة الرياضة، وبها بهجة حقيقية، فقد حصلت على 337 ألف إعجاب ونحو 14 ألف مشاركة.

القوى الناعمة والدعاية غير المباشرة والألف كلمة التى يمكننا استنباطها – بحسب قانون الصحافة –، كل ذلك يجتمع فى تلك الصورة، التى يجرى فيها فى الصباح الباكر.

ولأنه لا شىء يفوق النجاح إلا النجاح نفسه.. فلا شىء أقوى من الدعاية التى يحققها النجاح.. وقد نجح الرجل فى زيارته.. ونجحت نيجيريا أيضا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف