1 ــ بعيدا عن الضجة التي أثيرت تحت قبة البرلمان بشأن الأداء الصحفي وما حوته من انفعالات غاضبة أقول بكل الوضوح إنه ليس عيبا أن يتخلف الصحفي عن نشر خبر لم يستوثق من صحته وإنما العيب - كل العيب - أن ينزلق الصحفي باسم مغريات وضرورات السبق لكي يفجر فضيحة بغير أساس.. فالرأي العام يغفر للصحفي خطأ التخلف حتي لو تكرر ولكنه لا يغفر له خطيئة الاختلاق حتي لو حدثت مرة واحدة فقط في حياته!
وليس عيبا أن يعتذر الصحفي عن أي خطأ يكون قد وقع فيه - بحسن نية - لأن مثل هذا الاعتذار هو دليل علي الشجاعة الأدبية والالتزام بتحري الدقة مستقبلا واحترام عقلية القارئ ثم إن الاعتذار هو العنوان الصادق لصحة إدراك حملة الأقلام بأنهم ليسوا وعاظا ولا ملائكة وإنما هم بشر عاديون يصيبون ويخطئون شأن بقية البشر!
وربما يري البعض في ذلك الذي أستهل به حديث اليوم أمرا طبيعيا وينسحب علي جميع مجالات الحياة وليس علي الصحفيين وحدهم - وهذا صحيح - ولكن المسألة بالنسبة للصحافة وللصحفيين شئ مختلف تماما لأنها تتطلب مواصفات خاصة!
والصحافة قد يراها البعض حرفة وقد ينظر إليها آخرون علي أنها موهبة بينما كثيرون يتعاملون معها علي أنها مجرد هواية ولكن الصحفي الناجح هو الذي تتوافر له المؤهلات الثلاثة مكتملة بمعني أنه قبل أن يحترف الصحافة كمهنة لابد أن يكون لديه حد أدني من الموهبة!
والهواية مع الموهبة هي صمام الأمان لأي صحفي وهي التي تجعل الصحفي في حالة لهاث دائم بحثا عن الحقيقة وسعيا إلي المعرفة وطلبا لكل ما يرضي شهوة القارئ ويسهم في إشباعه!
ثم إن أخطر ما يهدد مسيرة الصحفي أن يشعر في أي لحظة أنه قد تحول إلي محترف لم يعد بحاجة إلي شقاء وعذاب الهواية.. فعند هذه اللحظة لا يقل العطاء فحسب وإنما يتسرب الجمود إلي الفكر وتتوقف عجلة الإبداع عن الدوران!
وغدا حديث آخر
خير الكلام:
<< من يقل كلمة الحق لا تأتيه السهام إلا من وراء ظهره!