المساء
السيد العزاوى
الأيام المباركة وذكريات في بلاد الحرمين
مع إشراقة يوم الجمعة تبدأ بإذن الله تعالي نفحات الأيام المباركة في شهر ذي الحجة وقد أقسم الله سبحانه وتعالي بهذه الأيام في سورة الفجر يقول الله تعالي: "والفجر. وليال عشر. والشفع والوتر. والليل إذا يسر. هل في ذلك قسم لذي حجر" الآيات من سورة الفجر. والفجر معروف. أما الليالي العشر فالمراد بها عشر ذي الحجة وقد ثبت في صحيح البخاري ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "ما من أيام العمل الصالح احب إلي الله فيهن من هذه الأيام. يعني عشر ذي الحجة. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلا خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء. ويروي عن جابر بن عبدالله ان العشر عشر الأضحي والوتر يوم عرفه والشفع يوم النحر. وهذه الأقوال وغيرها تؤكد مدي فضل هذه الأيام المباركة التي أقسم الله بها في آيات من القرآن الكريم. كما أنها تحمل دلالات أخري توضح بلا شك أن الاقبال علي أداء هذه الفريضة بمناسكها من أجل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلي الله راجيا رحمته وعفوه.
هذه الشعائر من أحب الأعمال إلي الله لأن الحج جهاد وبذل في رضا رب العباد يقول الرسول الكريم محببا في أداء هذه المناسك "من حج مرة فقد أدي فرضه ومن حج ثانية فقد داين ربه ومن حج ثالثة فقد حرم الله شعره وبشره علي النار" كل ذلك من أجل أن يقدم كل مستطيع علي أداء هذه المناسك. فالبذل مشروع طالما كان المسلم ملتزما بأداء الواجبات المستحقة عليه نحو أهله وعشيرته من المحتاجين والفقراء. لأن في هذه الرحلة أيضا بذلا في سبيل الله وانفاقا علي أهل هذه الديار المقدسة ومن يتأمل آيات القرآن في سورة إبراهيم يجد هذه الحقائق وتتمثل في قول ربنا علي لسان أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه: "ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فأجعل افئدة من الناس تهوي اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون. ربنا انك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفي علي الله من شيء في الارض ولا في السماء" 37 و38 إبراهيم.
حب هذه الأماكن المقدسة غرسه رب العباد في قلوب الصالحين فهانت عليهم المشاق والأموال في سبيل تلبية نداء رب العالمين. لأنهم يدركون أن الله سبحانه وتعالي هو الذي أفاض عليهم بالمال والصحة وكان توفيقه قد يسر الاقبال علي السفر مرة ومرات ابتغاء مرضاة الله. وأملا في الفوز بالدرجات ورجاء إلي الله بأن يكفر عن هؤلاء سيئاتهم والعفو عن اخطائهم ومن متعه الله بأداء هذه الشعائر أكثر من مرة فإن هناك تيسيرات وفيوضات من الله تعالي قد افاء بها عليهم ومن هذه الذكريات التي لا أنساها اثناء أداء الحج للمرة الأخيرة أن الله قد قيض لي صحبة من الرجال والشباب الذين كانوا يتعاقبون علي خدمتي بهمة ونشاط ورضا. كانت اعينهم تراقب كل تحركاتي يسهرون علي راحتي وكأنهم الابناء الأوفياء أكثر من الذين جاءوا من الاصلاب رعاية في المشاعر حتي رمي الجمرات كانوا ينوبون عني وعن زوجتي في الرمي ورغم اصراري علي الرمي إلا أنهم كانوا يرافقوننا حبا ورعاية. ذكريات لا تنسي نضعها أمام كل من يقصد هذين الحرمين الشريفين بأم القري وفي المدينة المنورة علي ساكنها سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ازكي التحية والسلام. رحمات ربنا تتدفق علي المخلصين لان كل همهم العمل وبذل الجهد من أجل الفوز برضا الحق تبارك وتعالي.
في نفس الوقت يجب أن يكون قاصداً هذه الأماكن المقدسة متجردا من هموم هذه الحياة مفوضا أمره لله ملتزما بالآداب وعدم الخروج عليها. الاخلاق الطيبة في كل تعاملاته مع الآخرين وأن يكثر من الدعاء والتصدق علي كل من يلقاه من الفقراء. وأن يتضرع إلي الله في داخل البيت الحرام وأن يتعلق باستار الكعبة راجيا رحمة رب العالمين ولا ينسي الصلاة في مقام إبراهيم وأي يدع بدعائه "ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم. ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وارنا مناسكنا وتب علينا إنك انت التواب الرحيم".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف