بمناسبة موافقة مجلس الوزراء على ترقية 300 ألف موظف فى السنة المالية الجديدة، هل نسأل: وهل يستحق موظفو وزارة التموين هذه الترقيات، وأين يذهب، أو يعمل، جيش مفتشى التموين؟!.. وأيضاً جيش شرطة التموين؟!.. نقول ذلك لأن هؤلاء، وهؤلاء يمثلون جيشاً كبير العدد يجلسون فى المكاتب، دون عمل، بينما عملهم الأساسى هو الانطلاق إلى الأسواق، ومراقبة الأسعار.. ومدى التزام التجار بالأسعار، بل مدى قناعتهم بنسبة الربح المعقولة عن كل سلعة.
هنا نسأل: أليست من أهم مهام ووظيفة موظفى التموين مراقبة الأسعار.. ومحاربة الجشعين من التجار: جملة، ونصف جملة، وقطاعى؟ إذا كانت مهام الوزارة غير ذلك.. مش عايزينها.. بلاها وزارة.. ولتلحق بغيرها من وزارات هى والعدد زى الليمون.
ولا تكاد تمر فترة إلا وتشهد أسواقنا تلاعباً رهيباً فى الأسعار.. ها هو الأرز الوجبة الأساسية لكل المصريين تعرض لأزمة طاحنة، بسبب غياب سياسة واضحة.. هل نسمح بتصديره.. أم نمنع التصدير.. واستغلها التجار سبباً للتربح غير الشرعى، بعد أن حجب كبار التجار كميات كبيرة منه فى المخازن حتى تضاعف سعره.. وخرجنا من أزمة الأرز إلى أزمة السكر.. وكوب الشاى هو الحلو الوحيد الباقى لكل المصريين، وأيضاً وبسبب غياب سياسة واضحة لعبت المافيا لعبتها، وبعد أن كانت المشكلة فى تفضيل السكر المستورد على المحلى لتزيد أرباح المستوردين.. وبعد أن تراكم الإنتاج المحلى من السكر، فجأة ارتفع السعر العالمى لهذا السكر، فانطلقت مافيا التجار تصدر ما تشاء.. دون اعتبار لأهمية الاحتفاظ برصيد احتياطى من السكر.. وهكذا انكشفت السوق المصرية لأن كل الإنتاج المحلى من سكر القصب وسكر البنجر لا يغطى الطلب المحلى.. وهكذا لعبت «البلية» واستغل التجار هذا العجز.. فارتفعت الأسعار. وبذلك خضعنا لنظرية استيراد السكر بالسعر العالمى.. وأسرعت الهند لتزويدنا بحصة كبيرة من الأرز.. حتى ألبان الأطفال.. لم نتحرك لاستيراد ما يلزم أطفالنا الرضع إلا بعد أن جفت الأسواق من هذا اللبن!! ولم يعد أطفالنا يجدونه إلا بشق الأنفس.
كل ذلك ووزارة التموين عاجزة عن إدارة أى أزمة فى أى سلعة استراتيجية مثل الأرز والسكر وألبان الأطفال، أو حتى سلع استفزازية موسمية مثل الكاجو والفستق وعين الجمل!!
وإذا كنا نلحظ غياب استراتيجية واضحة فى هذه السلع وغيرها، وأن حكومتنا لا تتحرك إلا بعد أن تزداد حدة مشاكلها.. فإننا نسأل: أليس من الواجب أن تؤدى وزارة التموين دورها الرقابى على الأسعار. وماذا يفعل كل من بها من مفتشى التموين، أو شرطة التموين، التى كان يتواجد رجالها باستمرار فى الأسواق.. بل فى عهود كثيرة سابقة كانت هناك نقط شرطة تابعة لشرطة التموين ترابط فى هذه الأسواق.. أم يا ترى انتهى هذا الدور الرقابى.. بعد أن أصبح لكل مفتش تموين «المعلوم» الذى يحصل عليه من التجار.. وكذلك أى جهاز رقابى آخر.
■ هل نطالب بعودة عملية التسعير الجبرى للسلع الأساسية.. بعد تحديد نسبة معقولة كربح لتجار كل مرحلة.. وإذا تم ضبط أى مخالف تكون عقوبته رادعة تبدأ بالغرامة المالية.. وتصل إلى الحبس بل وإغلاق المحل.. أم أننا منذ نسينا حكاية إغلاق المخابز المخالفة، بسبب الخوف من نقص إنتاج الخبز مثلاً.. نسينا أيضاً حكاية الغرامات المالية.. إذن: لماذا نبقى على جيش العاملين بوزارة التموين، مادام دورهم انتهى.. وأصبحوا بلا جدوى؟
■ أم نعود من جديد إلى حصص السلع الأساسية على بطاقات التموين، تكفى استهلاك الفرد، حتى ولو كان مجرد كوبونات جاز وبديلها الآن أسطوانات البوتاجاز.. أم نكتفى بلعبة اسمها الكروت الذكية، التى هى «التطور الزمنى» لبطاقات التموين.
■ وإذا قبلنا بنظرية عروات الإنتاج الزراعى مثل الطماطم والليمون والفاصوليا والبامية.. فلماذا نقبل وجود وزارة تعجز عن ضبط الأسعار.. حتى فى كيس الأرز أو السكر.. فماذا نفعل غداً؟! وقولى لنا نعمل إيه يا حكومة فى تجبر التجار الجشعين.