المساء
محمد جبريل
ع البحري - حدائق واشنطن الخلفية
في مؤتمر قادة الأمريكتين أعلن الرئيس الأمريكي أوباما أن عهد هيمنة الولايات المتحدة علي دول أمريكا اللاتينية قد انتهي. وصار من الماضي.
إذن. وحسب كلمات الرئيس الأمريكي. لم تعد دول أمريكا اللاتينية تشكل الحديقة الخلفية للولايات المتحدة. تخضع لأوامرها وسطوتها. وتعزل قادتها وتعينهم. وتحدد السياسات التي تلتزم بها. تجنبا لتدخلات البيت الأبيض والبنتاجون والسي آي إيه وغيرها من المؤسسات التي قصرت دور شعوب القارة علي التبعية. إلي حد اعتبار استقلال الرأي وحرية التصرف. سببا للحرب المعلنة. كما حدث في عملية خليج الخنازير سنة 1956. التي حاولت غزو كوبا بعملاء من واشنطن. وانتهت بانتصار الثورة الكوبية. تبع ذلك أزمة الصواريخ الكوبية الشهيرة. التي انتهت بموافقة الاتحاد السوفيتي حينذاك علي سحب الصواريخ مقابلا لتعهد واشنطن بعدم غزو كوبا.
استبدلت الولايات المتحدة بالغزو حصارا قاسيا ظل قائما علي كوبا حتي الآن. لوأد الثورة. ومنع انتشارها إلي دول القارة الأخري. لكن المد الثوري واصل اندفاعه. وواصلت المؤسسات الأمريكية مؤامراتها لتظل الحديقة الخلفية ساكنة. إلي حد غزو جزيرة جرينادا لإحلال نظام عميل بدلا من النظام الذي اختاره الشعب. بل إن قوات البحرية الأمريكية اقتحمت جمهورية بنما ـ والمفروض أنها دولة مستقلة ـ واعتقلت رئيسها. وقادته إلي واشنطن. ليواجه ـ بتهمة الاتجار في المخدرات ـ عقوبة السجن مدي الحياة.. الغريب أن الرئيس البنمي كان صنيعة للولايات المتحدة. ثم انقلبت عليه لظروف غير سياسية.
ثم حدثت تحولات ايجابية في المشهد الأمريكي اللاتيني أبرزها انتخاب هوجو تشافيز رئيسا لفنزويلا. وخوضه صراعا ضد المؤامرات الأمريكية للاحتفاظ بهوية بلاده. وبنوعية الحكم الذي سعت ـ من خلاله ـ للتغلب علي أوضاعها السياسية والاقتصادية السيئة. والمثل نجده كذلك في بوليفيا التي اختار شعبها إيفو موراليس رئيسا ينتمي إلي سكان البلاد الأصليين. ومن المهم أن نشير الي تجربة الرئيس البرازيلي الأسبق لولا داسيلفا في مواجهة الأوضاع الاقتصادية السيئة التي كانت تعانيها بلاده. حتي تغلب عليها. وتحولت البرازيل إلي واحدة من دول العالم المتقدم.
لعل المثل الأهم في صراع أمريكا اللاتينية ضد هيمنة واشنطن يطالعنا في صور أونستو جيفارا. الأرجنتيني الذي شارك في قيادة الثورة الكوبية. وثورات أخري أمريكية لاتينية وإفريقية. فقد صارت ـ منذ عقود ـ شعارا ثابتا في كل المظاهرات والمؤتمرات الداعية إلي الاستقلال ورفض التبعية.
اعترفت الولايات المتحدة ـ علي لسان رئيسها ـ بهزيمتها في حربها ضد إرادة شعوب أمريكا اللاتينية. وهو انتصار عظيم للمجتمع الانساني. وللشعوب المحبة للعدالة والأمن والسلام. لكن السيطرة الأمريكية تصر أن تفرض ظلالها القاتمة علي تحركات شعوب أخري نحو تأكيد هويتها المستقلة. شعبنا العربي ـ لأسباب تتصل بالجسم الصهيوني المزروع في أرضه ـ هو أشد تلك الشعوب معاناة. ورغبة في الانطلاق ـ بالقرار النابع من ظروفه وإرادته ـ نحو آفاق التقدم والرخاء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف