المساء
مؤمن الهباء
ساركوزي.. علي خطي ترامب
لم يعد مرشح الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب هو الصوت السياسي الوحيد الأكثر تطرفا ضد الإسلام والمسلمين في العالم.. فقد عاد نيكولاي ساركوزي الرئيس الفرنسي السابق يطرح اسمه كمرشح في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في فرنسا العام القادم 2017.. وساركوزي ينتمي إلي اليمين المتطرف تقليدا.. ومعروف بعدائه وكراهيته للإسلام والمسلمين منذ أن كان وزيرا للداخلية.. ثم حين انتخب رئيسا لفرنسا عام 2007 إلي 2012 عندما خسر أمام الرئيس الحالي فرانسوا أولاند.. وكان أول رئيس فرنسي لا يفوز بفترة رئاسة ثانية منذ عام 1981.
عاد ساركوزي إلي حلبة المنافسة الانتخابية في فرنسا بعد أربع سنوات قضاها خارج أسوار قصر الاليزيه.. لكنه أصبح اليوم أكير شراسة وحدة مما كان من قبل.. خاصة في مواجهة المظاهر الإسلامية التي صارت أكثر انتشارا في الحياة الفرنسية.. وصارت - حسب مزاعم اليمين المتطرف - تطغي علي الهوية الفرنسية.
يمتد مشوار ساركوزي السياسي لأكثر من ثلاثين عاما قضاها بين صعود وهبوط.. وكانت أولي خطواته باتجاه السلطة العليا عام 2004 عندما تولي رئاسة الحزب الحاكم "الاتحاد من أجل حركة شعبية".. ثم ترك منصبه كوزير للداخلية ورشح نفسه لانتخابات الرئاسة عام 2007 وحصل خلالها علي نسبة 53.2% من أصوات الناخبين وأصبح بذلك رئيسا لفرنسا في 16 مايو 2007... لكنه فقد منصبه في انتخابات 2012 بعد اتهامه في عدة قضايا فساد كان أشهرها ترشيح ابنه جون ساركوزي للمشاركة مع فريق تطوير وتجهيز منطقة "لاديفانس" الراقية علي أطراف باريس.. ولم يكن عمره قد تجاوز وقتها الثلاثين عاما.. ولم يكن قد أنهي دراسته بعد.
وإذا كان ترامب قد أحدث ضجة كبري عندما دعا إلي منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة وفرض رقابة صارمة علي المساجد والتجمعات الإسلامية.. فإن ساركوزي المعروف بأنه الأكثر ولاء للولايات المتحدة وإسرائيل بين السياسيين الفرنسيين له مقولات ومواقف شهيرة ضد المظاهر الإسلامية وأولها بالطبع الحجاب.. فقد أعلن أكثر من مرة أمام مجلس النواب والشيوخ أن الحجاب غير مرحب به في فرنسا.. لأنه رمز الحط من قيمة المرأة.. وبالتالي لا مرحبا به في بلادنا.. وسعي خلال فترة ولايته إلي سن تشريع لحظر النقاب في كل الأماكن العامة في سائر انحاء البلاد وليس في المرافق العامة فقط.
وفي حملته الحالية كشف ساركوزي عن وجه أكثر عنصرية تجاه المسلمين في فرنسا.. حيث أكد أنه من المهم سن تشريع يحظر أية اشارة دينية في الجامعات الفرنسية.. معتبرا الحجاب عملا استفزازيا للغاية بالنسبة لباقي المواطنين.. كما انه بمثابة دعم للإسلام المتطرف.
وفي حوار تليفزيوني قال ساركوزي إن هدفه "تنظيم الإسلام في فرنسا".. وهذا يعني أن يحصل أئمة المساجد علي تصريح من قبل وزارة الداخلية وأن يتم إعدادهم وفقا لقواعد صارمة.. وفي حال انتخابه وعودته إلي قصر الاليزيه فإنه سيضع قيودا علي المهاجرين.. ووضع ضوابط جديدة للحصول علي الجنسية الفرنسية لأولئك الذين ولدوا في فرنسا لأبوين اجنبيين.. حيث سيتعين عليهم من بين أمور أخري إثبات أن والديهما دخلا فرنسا بطريقة مشروعة.. وكذلك زيادة مدة الاقامة المطلوبة للحصول علي الجنسية الفرنسية من خمسة إلي عشرة أعوام.
ورغم إلغاء المحكمة الدستورية العليا في فرنسا قرار حظر ارتداء زي البحر الإسلامي للسيدات "البوركيني" الذي كان قد اصدره أكثر من 30 عمدة لمدينة وبلدية في فرنسا.. وفرضوا غرامات باهظة علي السيدة التي ترتديه إلا أن ساركوزي تعهد بعدم السماح بارتداء "البوركيني".. معلنا دعمه للعمداء الذين حظروه بشكل كامل.
وعلي هذا النحو.. فقد حول ساركوزي حملته الانتخابية إلي العداء السافر لكل مظهر يمت للإسلام بصلة.. وبالتالي فسوف يدخل في تحالف واسع مع القوي اليمينية المتطرفة.. وهو أمر من شأنه أن يجعل الانتخابات الفرنسية ميدانا للاستقطاب بين تيار عنصري وتيار يحافظ علي الانفتاح والحرية والعدالة والتسامح مع الآخر المختلف.. لنري في أي الاتجاهين ستذهب فرنسا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف