«نمنع المياه حتى يتعلم الناس الصبر على العطش فى رمضان.. ونرفع أسعار السلع الغذائية حتى يتعلم الناس الريجيم».. كلام ماسخ.. أليس كذلك؟، لكنه ببساطة إعادة إنتاج لما رددته الدكتورة هالة ماسخ، رئيس قطاع الرعاية الصحية بوزارة الصحة، ومدير مشروع ميكنة ألبان الأطفال، فقد قالت تعليقاً على أزمة الألبان: «نشجع الأم على الرضاعة الطبيعية»!. القاعدة تقول مفيش أحسن من لبن الأم، هذا كلام لا خلاف عليه، ولكن ماذا نفعل مع السيدات اللائى لا يرضعن لأسباب صحية، أو مع السيدة التى تتراخى عن الرضاعة بسبب «الدلع الماسخ» والرغبة فى الحفاظ على رشاقتها، هل نترك أطفال هؤلاء يموتون من الجوع بسبب رغبة وزارة الصحة فى إحلال الرضاعة الطبيعية محل الرضاعة الصناعية؟. هذا كلام لا يقال، ولكن دعك منه وتعال إلى موضع آخر، أجده أهم، فى تصريح الدكتورة هالة ماسخ لموقع «المصرى اليوم».
قالت المسئولة: «إن أزمة لبن الأطفال مفتعلة من أصحاب المصالح من موظفى الشركة المصرية للأدوية وكذلك السيدات الوسيطات لتهريب اللبن للسوق السوداء». من العجيب أن هذا التصريح تزامن مع استغاثة نشرتها نفس الشركة (المصرية للأدوية) بإحدى الصحف اليومية تناشد فيها السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى التدخل، بعد سحب وزارة الصحة استيراد وتوزيع الألبان منها وإسناده إلى جهة سيادية، إضافة إلى سحبها توزيع بعض الأدوية وإسنادها إلى القطاع الخاص. وأشارت الشركة إلى أنها مملوكة للدولة وتتبع وزارة الاستثمار، ويعمل بها أكثر من خمسة آلاف عامل، وتؤول أرباحها إلى الدولة.
الموضوع فيه حاجة غامضة.. ما معنى أن توجه الصحة اتهاماً للشركة بالتلاعب وتهريب لبن الأطفال المدعومة عبر «دلّالات» ليتم بيعها فى السوق السوداء بالغلا والكوا، ثم نفاجأ باستغاثة من جانب الشركة نفسها تشكو فيها من تعنت وزارة الصحة ورغبتها فى إخراجها من سوق ألبان الأطفال، سواء على مستوى الاستيراد أو على مستوى التوزيع؟. المسألة تبدو «ملخبطة» للغاية، خصوصاً أن السبب الأهم الذى سيق من جانب «الصحة» لتفسير الأزمة ارتبط بتطبيق منظومة الكروت الذكية. ما الحكاية بالضبط؟!. الاتهام يستوجب التحقيق، فإذا كان هناك أصحاب مصالح بـ«المصرية للأدوية» يتلاعبون بهذه السلعة الحيوية، فمن الضرورى أن يتم إبلاغ النائب العام فوراً بالواقعة للتحقيق فيها. والكلام الذى ذكرته الدكتورة هالة الماسخ ليس محله التصريحات الصحفية، بل البلاغات الرسمية للنيابة العامة. إذ نستطيع وقتها الحكم على مدى جدية هذا الكلام، ونفهم بشكل مقنع أن «المصرية للأدوية» هى سبب المشكلة. وزارة الصحة مطالبة أيضاً بتوضيح الأسباب التى دعتها إلى سحب ترخيص استيراد وتوزيع الألبان من «المصرية للأدوية»، خصوصاً فيما يتعلق بالتوزيع؛ لأن استغاثة الشركة ذكرت أن هناك رغبة فى إسناد توزيع ألبان الأطفال لشركات قطاع خاص، بدلاً من «المصرية للأدوية» التابعة لقطاع الأعمال العام. لو كان القائمون على الشركة يرون أن ثمة شبهة فى الأمر فعليهم أن يتقدموا هم الآخرون ببلاغ إلى النائب العام مدعوماً بما لديهم من أدلة وأسانيد. أما الحكومة فهى مطالبة بالإسراع فى حل المشكلة وتوفير الألبان للأطفال الذين لا يفهمون فى هذه المعارك؛ لأن كل همهم فى «الرضعة»!.