الأهرام
سكينة فؤاد
البحث عن بقايا ضمير!
هذا الاختناق الاقتصادي الذي تعانيه وتنسحق تحته القاعدة الغالبة من ملايين المواطنين ... الحصاد المر لفساد وإفساد عشرات السنين والاضطرابات والمؤامرات الخارجية والداخلية التي لم تتوقف منذ 25 يناير 2011.. . هذا الاختناق الذي يحاول به كل من له عداوة أو ثإر مع مافعله عشرات الملايين من المصريين في 30/6 لإشعال النار في جميع اركان الوطن بينما المتجرون بالأزمات يشعلون النار في جمع السلع والخدمات مافرض عليه ضرائب وما لم يفرض... كل هذا ألم يحرك ذرة أو وازعا من ضمير في صدر من تربحوا وكونوا ثروات محرمة قطعت ومنعت ونهبت ماكان يجب أن يذهب للتعليم والصحة والإسكان والمصانع التي دمرت، والفلاحين والانهيارات التي اصابت حياتهم، والحنفية الاساسية وتوفير كوب ماء نظيف لمن يشربون المياه مخلوطة بالصرف الصحي اذا وجدت وإيجاد فرص عمل للشباب الضائع في متاهات البطالة!!

السؤال لامكان له ولامحل لأنه اذا كان هناك ضمير ماارتكبوا واحدة من هذه الجرائم.. ولكن مالايؤخذ بالضمير يجب أن يفرض بالقانون.. ومايثير الغضب وعلامات استفهام كثيرة كيف ينتهي دور الانعقاد الأول لمجلس النواب دون أن يسارع الي استصدار القوانين التي توقف شرعنة الفساد وتمادي واستقواء الفساد والفاسديين.. ولمَِ لا مادام بالإمكان أن يخلي سبيلهم اذا ردوا مايطلب منهم!!

بالأمس القريب بدأت حلقة جديدة من استجداء الرئيس الأسبق بعد أن قبلت المحكمة الفيدرالية العليا السويسرية طعن اللجنة المصرية لاسترداد الأموال والأصول الموجودة بالخارج علي قرار حفظ التحقيقات في تجميد أموال الرئيس الأسبق مبارك وأسرته وعدد من رموز نظامه في سويسرا.. ووفق مانشر أن القرار يعيد الأمل في استعادة هذه الأموال، وأن التحقيقات والمباحثات الرسمية التي أجرتها مصر خلال الفترة الماضية كشفت أن نحو 590مليون فرانك سويسري - أي مايعادل 52مليار، و867 مليون جنيه - ان لم اكن مخطئة كعادتي في كل مايتعلق بالأرقام وانهاتخص 14 شخصا من رموز نظام الرئيس الأسبق مجمدة في بنوك سويسرا وان التحقيقات وفق المنشور تشمل هذه الشخصيات باتهامات بغسيل الأموال والمشاركة في منظمة إجرامية!!

ولن أنشر الاسماء المنشورة في كثير من الصحف فالأمر لم يعد خافيا ولامخجلا لاصحابه الثروات فقط هي الخافية - وماظهر إن ظهر لن يمثل نسبة تذكر الي حقيقة ماضيع علي المصريين.. فعلي سبيل المثال الصديق المقرب للرئيس الاسبق ومالك شرم الشيخ وصاحب ملف تصدير الغاز المصري الي الكيان الصهيوني بأرقام هزلية - والذي وفق تصريحات موثقة من الدولة - كما كتب كتاب محترمون تتجاوز ثروته بأدني التقديرات السبعة مليارات دولار وجري التصالح نظير نصف المليار!!

الكارثة الأكبر أن يتمدد هذا الفساد بعد كل مافعله الشعب ليحرر ارادته ووجوده ومصيره، فإذا بعصابات وشبكات نهب جديدة تعلن أن الفساد مازال يستقوي ويتضخم وأن حماية محدودي الدخل والقاعدة الأعرض من ملايين المصريين من آثار الاصلاح الاقتصادي لايكفيها علي الاطلاق تكثيف الرقابة علي الاسواق - التي لم تحدث حتي الآن بالشكل الجاد والقادر علي السيطرة ولايكفيها جودة وتوافر الاغذية والأدوية ـ هل الرقابة علي أسعار الدواء تعرف الزيادات التي قفزت إليها أسعاره؟!!

كل هذا لايكفي ولابد من منظومة حاسمة وعاجلة وعادلة لتوزيع الدخول في المجتمع وفرض الضرائب التصاعدية إلي جانب القوانين التي تنهي شرعنة وتدليل وتهوين الفساد ولتحميل تبعات ومطالب الاصلاح الاقتصادي للقوي التي أثرت علي حساب الشعب كله تقريبا.

هل يوجد نموذج لتضخم وتسرطن الفساد مما حدث في مأساة القمح أو لقمة العيش ـ الفساد الذي كلف مصر مليارات المليارات من أمنها الغذائي الصحي والحيوي والقومي واستقرارها واستقلال قرارها ـ ووفق المنشور في الأهرام 30/8 كل فدان ووفق لجنة تقصي حقائق والتلاعب في توريدات القمح ـ كشف التقرير عن توريدات وهمية وأن إجمالي العجز في الصوامع التي زارتها اللجنة وعددها 9 صوامع وشون بلغ نحو 200 ألف طن بما يعادل نحو 560 مليون جنيه تري كم يبلغ العجز إذا زارت اللجنة 517 صومعة وشونه يتم تخزين القمح فيها خلال الموسم الحالي منها 135 صومعة وشونة مملوكه للقطاع الخاص ووفق المنشور ان أصحاب الصوامع قاموا بتوريد 80 مليون جنيه وآخر 90 مليونا وثالث 70 مليونا.

اليس من حقنا أن نسأل الـ 80 و90 و70 وبقية الملايين أو ما تكشف فقط من ملايين ومليارات مضيعة علي الشعب نتيجة توريدات وارقام وهمية عن أي موسم. إذا كان عن موسم واحد ـ فماذا عن المواسم السابقة أليس ما نهب وضيع وسرق هو من اموال الشعب المسحوق والمدهوس تحت أقسي ظروف للحياة والا تتحمل هذه الجرائم وأصحابها نصيبا من الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر وعن انهيار زراعة القمح وعن جعل مصر تتصدر دول العالم في الاستيراد، ولم أفهم معني الافراج بعد دفع اثمان ما تم الكشف عنه من جرائم ـ هل مازال رهن التحقيق أم براءة ليعود ويواصل الاتجار ببيع الأمن القومي والحيوي والصحي والقومي لهذا الشعب؟!! وماذا عن الجهات المسئولة التي أدانها التقرير فوفق ما جاء في الأهرام أيضا 30/8 ـ كما رأت اللجنة أن المسئولية القانونية سواء كانت جنائية أو تأديبية أو مدنية تقع علي العديد من الأطراف فيما ورد بهذا التقرير من وقائع ومسئوليات والتي لها ارتباط وثيق بمنظومة القمح (توريد وادارة المخزون، الطحن، انتاج رغيف الخبز) وعلي رأسهم وزير التموين فضلا عمن يثبت مسئوليته القانونية عن المخالفات التي رصدتها اللجنة في التقرير من المواطنين العموميين بالوزارات المعنية وهي التموين والزراعة والصناعة والتجارة الخارجية وشركتا المصرية القابضة للصوامع والعامة للصوامع التابعتان لوزارة التموين وأصحاب مواقع التوريد والتخرين من القطاع الخاص المستوردة لصالح شركات وزارة التموين.

أين نواب الشعب من قوانين تحمل أثار هذا الفساد وما ترتب عليه من آثار كارثية للقمة العيش وللأمن القومي والحيوي والصحي المصري لكل من أداروا منظومة الفساد والسرقات والنهب طوال السنوات الماضية وصولا إلي منظومة فساد القمح وجميع منظومات الفساد التي تدار الآن في التعليم والصحة والزراعة والاسكان وتحرر جموع الشعب من تحمل مزيد من تبعات وآلام الظروف الاقتصادية وتطفئ نار الغلاء ونار الجماعات الإرهابية التي تحاول أن تحقق بها ما فشلت في تحقيقه منذ أسقطهم المصريون في 30/6.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف