الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
مدينة الإنتاج.. مرة أخري
إذا ذهبت إلي باريس ستفاجأ بمبني ماسبيرو أمامك في وسط البلد أمام برج ايفيل مباشرة وعلي كورنيش نهر السين مثل ماسبيرو القاهرة بالضبط.. الأدوار الأولي الدائرية ثم يعتدل البناء إلي أعلي.. نفس عدد الأدوار.. السبب أن المرحوم عبدالقادر حاتم أعجب بمبني باريس فطلب نفس المهندس ليبني نفس المبني بكل تفاصيله من الداخل والخارج في القاهرة.. حتي الموقع.. علي كورنيش أضخم نهر!!!
وعندما كنت في باريس في الثمانينات مصاحباً لزوجتي المريضة.. لاحظت عدم وجود الازدحام القديم.. وعلمت أن فرنسا بنت "مدينة إنتاج إعلامية" علي بعد أربعين كيلو من قلب باريس.. وهي مسافة غير بعيدة علي الطريق الدائري السريع.. وتم نقل كل فاعليات المبني الرئيسي إلي هناك عدا برامج الهواء المباشر وأهمها نشرات الأخبار والتوك شو الهام وبعض البرامج التي قوامها الجماهير أو الضيوف الكبار وأحاديثهم السياسية!!!!
***
زرت هذه المدينة فاتضح أنه من المستحيل أن تطوف بكل أرجائها رغم السيارات الصغيرة "وسيلة الانتقال داخل المدينة وهي عبارة عن توك توك محترم"!!! ورغم الكلاكس المستمر بين جموع الناس.. مدينة لا موضع بها لقدم.. مدينة كلها نشاط لمدة 24 ساعة.. فهناك أفلام ومسلسلات تحتاج لظلام الليل الطويل!!!!.. اتضح أن كل ساعة من الـ 24 ساعة تكسب المدينة مبالغ طائلة.
***
وخلال مهرجانات الإذاعة والتليفزيون في مدينة الإنتاج الإعلامي عندنا علمت أن هذه المدينة المليئة بعدد كبير جداً من استديوهات الفضائيات والسينما والمسلسلات التي يتم تأجيرها بالساعة أيضا.. مع مناطق تصوير رائعة "لوكيشن" مناطق مغلقة ومناطق مفتوحة مثل شارع عماد الدين وحي جاردن سيتي والحي الريفي ومنطقة ساحلية وكأنك في الإسكندرية أو مرسي مطروح والأحياء الشعبية والعشوائيات وغيرها.. ثم ملاهي وحيتان وبحيرة.. مولد!!!! كل هذا والمدينة مدينة لشوشتها.. كيف!!!
***
كتبت هذا وأكثر من هذا أيام المهرجان الذي لم نستطع إقامته منذ أربع سنوات.. ثم أعدت الكتابة عن مدينة الإنتاج الإعلامي منذ ثلاثة أيام ضمن مقال عن عجز الميزانية وقروض صندوق النقد الدولي.. كان مجرد مثال.. خاصة بعد قراءة مقال الزميل الفنان المثقف الدكتور أحمد عاطف في الأهرام عن مدينة الإنتاج الإعلامي في المغرب ومكاسبها الرهيبة بعد أن طرد الروتين والبيروقراطية وضيق الأفق وسوء التصرف عندنا قوافل استديوهات أمريكا التي كانت تريد التصوير في مصر فتركتنا وذهبت إلي المغرب رغم الفارق الكبير في أماكن التصرير بيننا وبين المغرب وكيف أن المغرب الآن تكسب من مدينة الإنتاج ملايين الدولارات كل يوم!!!
ثم فوجئت يوم الخميس الماضي بزيارة وزيرة الاستثمار داليا خورشيد لمدينة الإنتاج واتضح أن هناك "منطقة حرة لهيئة الاستثمار داخل المدينة" تم إنشاؤها منذ فترة.. والزيارة كانت للاتفاق علي سبل التعاون بين هذه المنطقة الحرة ومدينة الإنتاج عسي أن نعوض سنوات طويلة من عدم استغلال المدينة للاستثمار الخارجي وهو يشمل آلات غير التصوير الدوبلاج كسبت سوريا ملايين الدولارات من دبلجة أفلام تركيا والهند.. فقد كان في يوم من الأيام أبطال وبطلات تركيا نجوم الشاشة المصرية.
ولكن مازال اللغز قائماً.
مدينة الإنتاج بإمكانياتها الحالية دون استثمار ممكن أن تكون أحد ممولي الخزانة العامة مثل سوريا وفرنسا.. لماذا هذا لا يحدث من الآن!!.. سؤال يحتاج لإجابة في عهد الشفافية!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف