المصرى اليوم
نيوتن
قصة من طائرة
كنت فى طريقى إلى لندن أمس الأول. قبل أن أصعد للطائرة لفت نظرى دقة التفتيش. لم أر ذلك من قبل. دقة تصل إلى درجة المبالغة. كل راكب فى الطائرة بعد أن يخلع حذاءه وساعته، يفرغ ما فى جيوبه. يخلع سترته. يتم تفتيشه ذاتيا. كل هذا بأدب شديد ودقة متناهية. طبعا مثل هذا النوع من التفتيش يأخذ وقتاً. لذا تأخر إقلاع الطائرة بعض الشىء. لا مانع. الأمان مقدم على كل شىء.

وجدت شيئاً غريباً أيضاً فى المطار. أن هناك رجلاً من شركة إنجليزية، من طائفة السيخ- عرفت ذلك من عمته التى يضعها فوق رأسه- وقف يراقب سير العملية.

صعدت الطائرة. جلست فى مقعدى حتى رأيت شاباً بدا لى مألوفاً. اتجهت إليه. تفرست فى وجهه. إنه الشاب نفسه (رجل الأمن) الذى قام بتفتيشى ذاتيا أثناء دخولى إلى مطار القاهرة. شاب وسيم. مفتول العضلات. كان يقرأ فى رواية من أعمال الكاتب توماس كينيلى. جعلنى ذلك أنتبه إليه أكثر. فأنا أحترم من يقرأ. خصوصا الأدب.

سألته: أنت من قام بتفتيشى عند بوابات الدخول؟ قال: نعم.

قلت له: أنت الآن مسافر معنا إلى لندن، وسوف تعود على نفس الطائرة؟

قال: نعم. قلت: أكثر من 10 ساعات وأنت جالس فى نفس المقعد؟!

رحت أوجه له أسئلتى وهو يجيب عنها. عرفت أنه خريج كلية تجارة، جامعة أسيوط، حصل على تدريب ليكون مؤهلاً لهذا العمل. يجيد اللغة الإنجليزية.

قلت له: مع كل هذه المؤهلات لماذا لا تعمل مع باقى من يقدمون الخدمة فى الطائرة للركاب، لماذا لا يستفيدون منك؟ أنت طاقة معطلة. مكلفة. فى تلك الأثناء انضم إلينا فى الحديث رئيس الطاقم. طرحت عليه فكرتى التى خطرت لى للتو. ظننتها عبقرية. انفردت أنا بطرحها. لكن سرعان ما علمت أنها فكرة مطبقة فى كثير من شركات العالم. حيث أجابنى قائلاً: هذا ما يفعلونه فى خطوط سنغافورة. معروف أنها من أكثر وأفضل خطوط الطيران فى العالم. وذلك يختلف عما يفعلونه فى لوفتهانزا. هى شركة طيران ألمانية. يتم إخفاء رجال الأمن بين الركاب. عندما تراهم تحسبهم من المسافرين. لا مانع، كل شيخ له طريقة. المهم أن هناك تسابقا لتوفير الأمن للركاب فى كل المطارات، ومن كل الشركات. ثم سألته: لكن كيف تقوم بتفتيشنا ثم تصعد معنا على متن الطائرة نفسها، ولماذا لم يكن معمولاً بهذا النظام من قبل؟ قال: كانت هذه مهمة أمناء الشرطة بوزارة الداخلية من قبل وليس أمن المطار.

قلت: أليس من الأفضل أن نخبئ أفراد الأمن وسط طاقم الطائرة أو وسط الركاب حتى لا يكونوا هدفاً سهلاً لأى متربص؟

الآن يتجهون لاستبدال هؤلاء الشباب بشركة أمن خاصة. بشركة فالكون. التى كانت مكلفة بتأمين الجامعات من قبل. فر أفرادها من أمام الطلاب المتظاهرين خلال احتجاجات الجامعة. أليس من الأفضل الاستفادة بشباب أمن المطار بعد تدريبهم بدلاً من استبدالهم بشباب فالكون، أم أن شركة فالكون لديها ميزات خاصة، فلا يجب أن نستثمر مشكلة أمن المطار على هذا النحو حتى لا تكون مصائب قوم عند قوم فوائد؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف