المصرى اليوم
عبد الناصر سلامة
ماذا بعد الخطف من ذنب؟!
أعتقد أن مجرد الشروع فى خطف طفل أو فتاة يجب أن تكون العقوبة الإعدام فى الميادين العامة، ماذا لو نجحت عملية الخطف، من الذى يضمن العواقب؟ رأينا من قتل طفلاً بعد الفشل فى الحصول على الفدية المطلوبة، رأينا فتيات اغتُصبت، وأخريات قُتلت، متابعة أخبار الخطف، والاختفاء، والاغتصاب، وطلب الفدية، وتجارة الأعضاء البشرية، جميعها تصيب بالاكتئاب، والغثيان، والإحباط، والخوف من الحاضر والمستقبل معاً.

بالفعل ماذا بعد الخطف من ذنب؟ تارك العبادات أمره مع ربه، إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه، مخالفة القوانين أمرها مع ولى الأمر، إن شاء حاكم وإن شاء عفا، أما جرائم الإضرار بخلق الله، فليس جائزاً بأى حال التهاون فيها، لا شرعاً ولا قانوناً، لن يشعر بحجم هذه المأساة إلا من عانى منها، للأسف أصبحوا كُثُراً، بعد أن أصبحت ظاهرة مواقع التواصل الاجتماعى تعج بالمفقودين، مليئة بالحكايا المثيرة والغريبة، التى كانت تعد فى السابق من روايات الخيال.

من خلال الروايات المتداولة، لم يعد هناك أمان فى التعامل مع المتسولين كما المشردين، مع النساء كما الرجال، كبار السن كما صغارهم، باختصار لم يعد هناك أمان لأحد، لا يجب أن يتحدث الرجل فى الشارع مع آخر لا يعرفه، ما بالنا بالفتيات؟ لا يجب أن يأمن الرجل لذلك المتسول، ما بالنا بالأطفال؟ الحكايات كثيرة عن عصابات الاتجار بالأعضاء البشرية، الروايات لا تنتهى عن خطف الأطفال، قصص محزنة عن اختفاء الفتيات، الجميع مستهدَفون، لا أمان لأحد من أى أحد.

لماذا وصلت الأوضاع إلى هذا الحد؟! هل هو الفقر الذى حل بنا؟ هل هى الأخلاق التى تراجعت؟ هل هو الدين الذى وجد من يجابهه؟ هل هو الانفلات الأمنى؟ هل هى جميعاً؟ بالتأكيد كان للسنوات الست العجاف الماضية دورها فى هذا الشأن، لا شك فى ذلك، إلا أننا كان يجب أن نتوقف كثيراً أمام هذه الظاهرة من كل الوجوه، بدءاً من تغيير القوانين المتعلقة بها، كان يجب أن يتبنى البرلمان هذه القضية من أوسع الأبواب، إلى جانب مهمته فى فرض الضرائب ورفع الأسعار، كان يجب أن يغضب النواب من هذه الحكايات التى يسمعونها فى دوائرهم، إلا إذا كانت علاقاتهم بالدوائر قد انقطعت.

أرى أن العقوبة فى مثل هذه الجرائم يجب أن تكون الأغلظ على الإطلاق، يجب أن تبدأ وتنتهى بالإعدام، يجب أن تكون المحاكمات فيها هى الأسرع، يجب تنفيذ العقوبة فى الميادين العامة بكل محافظة، العظة والعبرة هنا هى الأهم من العقوبة نفسها، نحن أمام حرب على الله ورسوله وإفساد فى الأرض، وإلا فمن المعنِى بقول الله تعالى (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).

يجب أن نعى أن قتل قاتل ذلك الطفل، أو قتل مغتصب تلك الفتاة، لن يشفى غليل ذويهم أبد الدهر، أيضاً هذا هو حالهم حال الاختفاء دون عودة، تظل عملية البحث جاريةً أيضاً أبد الدهر، هو تنكيل بتلك الأسرة، وربما مجموعة من الأُسر مدى الحياة، هو إنهاء لحياتهم وهم على قيد الحياة، هناك من بينهم من يموت كمداً، ومن بينهم من يفقد عقله، ومن بينهم من تنهشه الأمراض، وأيضاً من بينهم من يفقد إنسانيته.

نحن أمام أزمة أظنها أخطر ما يهدد السلام الاجتماعى والأمن العام فى بلادنا فى هذه الآونة، بعض إحصائيات العام الماضى ٢٠١٥ تحدثت عن حالة خطف كل ١٢ ساعة، المجلس القومى للأمومة والطفولة رصد ١٢٥ حالة خطف خلال ثلاثة شهور، أرى الظاهرة تزايدت هذا العام، بعض الدراسات تحدثت عن استخدامهم فى التسول، والبغاء، والسرقة، وما إلى ذلك، لذا فإن تعديل القوانين المتعلقة بها هو أقل القليل فى سبيل المواجهة، بدءاً من أهمية التحرك الأمنى فوراً، بمجرد تقديم البلاغ، بدلاً من المعمول به فى هذا الشأن، من ضرورة مرور ٤٨ ساعة قبل التحرك أو البحث، خلال هذه المدة يكون قد حدث الكثير، يجب تعديل القوانين باعتبار أمثال هؤلاء المجرمين هم الأخطر على أمن وأمان الدولة.

الشائعات فى هذا المجال للأسف أصبحت أكثر من الحقيقة، ذلك نتيجة للخوف والرعب الذى تعيشه الأسرة المصرية، بصفة خاصة فى المناطق الشعبية، لذا فإن الشفافية الأمنية هنا سوف تمثل جزءاً مهماً من العلاج والمواجهة، بمعنى ضرورة الإعلان عن كل الوقائع المتعلقة بهذا النوع من القضايا، ضرورة الكشف عن المتهمين فيها، سواء كانوا أفراداً، أو جماعات، أو حتى عصابات منظمة، نشر صور المشتبه فيهم بوسائل الإعلام طوال الوقت.

قد تكون نسبة الفقر قد ارتفعت فى مجتمعنا خلال الأعوام الأخيرة، هكذا توكد الإحصائيات، إلا أن ذلك لا يمنح مبرراً لأحد، كى يلجأ إلى مثل هذه الأساليب لتحقيق ثروة أو حتى مواجهة الفقر، لا يجب أبداً أن تأخذنا شفقة أو رحمة بأمثال هؤلاء، أفراداً كانوا أو عصابات، نحن لسنا أمام حوادث سرقة، أو رشوة، أو اختلاس، أو فساد، من تلك التى عطلت حركة التنمية والتطور، بقدر ما نحن أمام أزمة يمكن أن تقضى على البقية الباقية من الأمن والأمان، مما يمكن معها أن نفقد الأمل تماماً فى إمكانية أى عودة إلى الاستقرار من جديد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف