كان حديثي في عدد من المقالات الأخيرة عن رخص الأسعار وسببها.. والمشروعات القديمة التي كانت كفيلة بخفض الأسعار خاصة أسعار المواد الغذائية.. وكان من الضروري أن أذكر أسعار زمان وتأتي سيرة "القرش" عدة مرات في كل هذه المقالات مما لفت نظر أستاذنا الصحفي الكبير والشاعر الرقيق الموهوب "فاروق جويدة" صاحب أحد أشهر الأعمدة اليومية "هوامش حرة" في "الأهرام".. ظن أنني أطالب بعودة القرش.. وهذا مستحيل طبعاً.. لقد اختفت تماماً ورقة الربع جنيه التي كانت رحمة الله عليها 25 قرشاً!! فما بالك بالقرش!!
بل الجنيه نفسه بعد أن تحول إلي عملة معدنية اصغر حجماً من القرش القديم تم إعادة طبعه منذ أسابيع في السر دون أن يدري به أحد لعدم أهميته هذه الأيام!!.. ولكن الورقة القديمة أعادت للمخضرمين أمثالنا الذكريات الجميلة!!
***
طبعاً.. العملات الصغيرة فقدت قيمتها الشرائية.. وإذا أردنا استخدامها سنحتاج إلي شوال بدلاً من المحفظة.. شوال خيش معبأ بآلاف القروش نحمله فوق الظهر بدلاً من محفظة محترمة في الجيب الجواني!! ولكن الحمد لله نقودنا "لها كبير"!! عندنا أوراق مالية أقلها ورقة الخمسة جنيه التي بدأ يرفضها منادي السيارات وزبال الشارع رغم أن ورقة الخمسة جنيه مازالت أقوي من سندويتش الطعمية بعد أن تمت هزيمتها بالقاضية أمام طبق الكشري!!
***
ثم فوجئت في عمود استاذنا فاروق جويدة صباح أمس "الاحد" بخطاب مفتوح من أ. د. محمود رضا رئيس قسم الهندسة الانشائية الأسبق بكلية الهندسة جامعة القاهرة له رأي مخالف تماماً.. يقول:
القانون الصادر في 3 سبتمبر 1953 ينص علي أن الجنيه المصري يتكون من مائة قرش.. وإغفال أو إهمال الدولة حتي الآن عن صك وتوفير العملة المعدنية للقرش هو احتقار لعملتها الوطنية ومخالفة صريحة للقانون مما يساعد علي إضعاف مصداقية وقيمة عملة مصرية!! وضرب سيادته بأمثلة عملات لبعض الدول مثل السعودية والإمارات وأمريكا وانجلترا.. بل واليورو الأوروبي.. كلها عملات لها مفردات كثيرة يتم طبعها وصكها جميعاً.
وفي نهاية الرسالة يقول أ. د. محمود رضا أن السيد عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك طالب بضرورة عودة صك القرش كأحد مفردات الجنيه المصري.. وهي قضية قابلة للمناقشة.
***
استاذنا الكبير فاروق جويدة يؤيد العودة لصك هذه العملات التي فقدت قدرتها الشرائية.
وفي رأيي أن هذا ربكة للسوق بلا داعي.. والأسواق مش ناقصة!! ثم نحن نسينا إذا أردنا إنصاف الجميع وأحياء كل الموتي.. هناك نوعان من القرش.. هناك قرش صاغ وقرش تعريفة.. وعلي فكرة التعريفة كانت أشهر من القرش.. رغم أن التعريفة هي نصف قرش!!
بالمرة.. كان فيه حاجة اسمها "المليم" والبعض كان يسميه زمان "المليم الأحمر".. كان لونه أحمر وكان بضاعة رائجة في خان الخليلي.. المليم ذو صورة الملك فاروق أغلي مليم وصل ثمنه إلي عشرة جنيهات منذ فترة ولا أدري بثمنه الآن.. ولكن إلي وقت قريب المليم الأحمر ثمنه الثابت جنيه أخضر!!
***
في وزارة مصطفي النحاس عام ..1942 وكانت الأسعار ارتفعت بسبب الحرب العالمية الثانية كشيء طبيعي.. عبدالحميد عبدالحق وزير الشئون الاجتماعية اخترع ما سماه "مشروع القرش".. لا تقل لي الصناديق كانت في المساجد والكنائس فقط.. الناس كانت تعمل صناديق وتضعها علي أبواب منازلها.. فيه بواب مفيش بواب لا أحد يلمس الصندوق.. ليس في القاهرة بل من أسوان إلي مرسي مطروح.. ولك أن تتصور أهمية القرش زمان الدنيا كانت دنيا.. الكلام كثير فإلي الغد بإذن الله تعالي.