الأهرام
فتحى محمود
المضادات الحيوية كارثة طبية واقتصادية
لأن الأمر خطير ويتعلق بصحة المصريين علاوة على تأثيراته الاقتصادية، رأيت ضرورة تعريف القارئ بهذا المقال المهم الذى نشره الأستاذ الدكتور خيرى عبد الحميد المرسى أستاذ جراحة الفم والوجه والفكين بجامعة القاهرة، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، ويقول فيه:

كان اكتشاف المضادات الحيوية فى بداية القرن الماضى حدثا هائلا أضاف الكثير الى المنظومة الطبية فى العالم بأثره فقد عالج الكثير من الأمراض البكتيرية التى لم تكن تعالج آنذاك، ولاتزال هذه الأدوية لها أهميه قصوى فى هذا الصدد، ولكن أصبح سوء استخدام هذه المضادات الحيوية يمثل كارثة صحية واقتصادية كبرى للمصريين لعدة أسباب:

أولها: الاستخدام المفرط دون داع حقيقى فى أغلب الأحوال من قبل المريض نفسه، حيث يقوم دون استشارة طبيبة بشراء واستخدام المضادات الحيوية، رغم أنها لاتفيد فى علاج الكثير مما يشكو منه.

ثانيا: وصف كثير من الصيادلة لهذه الأدوية دون الرجوع للطبيب المختص، وأصبحت عادة الذهاب الى الصيدلى لوصف الدواء بدلا من الذهاب الى الطبيب المتخصص عادة متجذرة فى المجتمع المصرى لأسباب اقتصادية وثقافية عدة.

ثالثا:عدم المام الكثير من الأطباء المعالجين للدواعى الحقيقية لاستخدام هذه المضادات الحيوية وأنواعها المختلفه ودواعى استخدام كل نوع منها، فأصبح الكثير منهم يصفونها اما بلا داع حقيقى أو استخدام بعضها فى غير موضعه وخاصة فى مجال طب الأسنان وجراحة الفم والوجه والفكين الذى أعمل به.

وقد أدى ذلك الى كوارث طبية واقتصادية هائلة نتيجة سوء الاستخدام هذا نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: الأضرار الصحية على المريض وبصفة خاصة الكبد والكلى اللتين تعانيان أصلا من مشكلات هائلة فى مجتمعنا المصرى، كما أثبتت بعض الدراسات أن كثرة تناول المضادات الحيوية وخصوصا الأطفال تضاعف الاصابة بالتهابات المفاصل، كما أن للمضادات الحيوية تأثيرا ضارا على النخاع العظمى مما يؤدى الى نقص فى خلايا الدم المختلفة وخاصة كرات الدم البيضاء بشكل يثبط مقاومة الجسم للأمراض المختلفة، كما أنها تؤثر على الجهاز الهضمى حيث تؤدى الى الشعور بالغثيان والقىء، كما تعمل على نمو كثير من الفطريات بالجهاز الهضمي وحدوث تقلصات وانتفاخ بالأمعاء وبعض حالات الاسهال الشديد، وأيضا هناك مضادات حيوية أخرى قد تؤثر على الأعصاب الطرفية بالجسم وقد تؤدى الى آثار ضارة بمراكز المخ المختلفة،

الى جانب الأضرار الاقتصادية للأفراد وتأثيرات ذلك على الاقتصاد القومى وخسارته بالمليارات سنويا دون افادة بل ضرر حقيقى.

وعلى المستوى الصحى العالمى فان استخدام المضادات الحيوية دون سبب حقيقى أو بطريقة غير صحيحة أو الفترة الكافية اللازمة، للقضاء المبرم على الميكروبات المسببة للمرض يؤدى الى استنساخ أنواع جديدة من البكتيريا لاتتأثر بهذا الدواء، وبذلك تفقد هذه المضادات الحيوية تأثيرها ويصبح استخدامها عديم الجدوى وهذا يؤدي الى انتشار كثير من الأمراض الخطيرة وغير النمطية التى لاتؤتى المضادات الحيوية معها نفعا.

وقد أشارت منظمة الصحة العالمية الى أن زيادة الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية نتيجة سوء استخدامها تهدد بعودتنا الى حقبة ما قبل البنسلين في عشرينيات القرن الماضي حيث يمكن لأقل عدوى أن تكون مميتة، وهناك عدد من البكتيريا المقاومة الآن لكل العقاقير الطبية، وسيزداد الرقم الحالى الى أعداد أكبر، ما لم تطور مضادات حيوية أقوى جديدة ويتم التوقف عن الافراط في استخدام المضادات الحيوية.

ومن الجدير بالذكر أن الكثير من جراحة الأمعاء الى علاج السرطان الى عمليات زرع الأعضاء يعتمد على قدرتنا على علاج العدوى، واذا دمرت البكتيريا المقاومة تلك القدرة فان صرح الطب الحديث بكامله سيتداعى.

لذا وجب التنبيه ولفت النظر الى هذه الكارثة الصحية الاقتصادية والاطمئنان على تجنب ماسبق ذكره، ونصيحة أقدمها لزملائى وأبنائى من فضلك لاتصف مضادا حيويا إلا إذا كانت هناك ضرورة لذلك وبعد عمل مزرعة لمعرفة نوع الميكروب، والمضاد الحيوى المناسب لهذا الميكروب خدمة لمرضانا واقتصاد مصرنا الحبيبة.

انتهت كلمات الدكتور خيرى عبدالحميد المرسى، التى توضح اننا بحاجة الى حملة توعية ضخمة بمشاركة اتحاد النقابات الطبية، لتوعية جميع الأطراف (الطبيب، الصيدلى، المريض) بخطورة هذه المشكلة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف