المستشار حمدى الشيوى
دولة الجباية ودولة الهداية
الدول دولتان دولة جباية ... ودولة هداية أما دولة الجباية : ليس لها غاية ، سوى جباية الأموال ، مهما كانت الأحوال ، ومهما أستبد بالعيش من إختلال . فحين تأتى إدارة ، ليس لها فى الحياة مهارة ، فلا تحمل للشعب بشارة ، إنما تحمل لهم هماً وخسارة ، وليس لها إلى الإنتاج سبيل سوى الخداع والتضليل . وحين ترى الوزراء ، وهم يسرقون أموال الفقراء ، ويسهرون مع سقط النساء على حساب المساكين والضعفاء ، ثم يحملون على الشعب حملة ، ليدفع الفاتورة بالجملة . فهل يقبل أن يستمر أولياء الأمور، فى فسوق وفجور ، يستمتعون بالهوى والغواية ، ثم يفرضوا على الناس الجباية ؟!!! ولعل قائلاً يقول وأين ما على الشعب من الإلتزامات ، أقول أن الشعب يدفع الإلتزامات مقابل ما تقدمه الإدارة من خدمات راقيات متقدمات ، فيشعر الشعب بالإبتهاج ، ويهنأ بلحم وحمام ودجاج ، ويجد أسباب العافية ، من خدمات صحية كافية ، ويجد خدمات تعليمية تصنع النبوغ والعبقرية ، ويجد خدمات زراعة وصناعة وتجارة ، تأتى على الشعب بالخير والبشارة . لكن إذا كان الشعب يدفع الأموال ، ليسرقها ذميمو الخصال ، سيئو الخلال . أذن فهى الجباية ، التى يفرضها أهل الغواية ، وإن ابليس يعمل عندهم كما قال الشاعر : وكنت امرءا من جند إبليس فارتقى ... بي الدهر حتى صار إبليس من جندي فلو مـــات قبلي كنت أحسن بعــــــــده ... طرائق فســــق ليس يحسنهــــــــا بعدي أما دولة الهداية : فهى تقوم للشعب بأمرين هامين خطيرين الرعاية والهداية . والرعاية تسبق الهداية وهى ترتيب أمر العيش والنظام ، من عافية وأمن وطعام ، وتعليم وتفهيم وعدالة الأحكام ، وحوائج تقضى دون نزاع وإختصام . وأما الهداية فهى الأخذ بيد الناس إلى طريق ربهم ، والتربية على مراقبة الله فى ليلهم ويومهم . وإستخدام كل المؤسسات فى الدعوة إلى الصالحات ، وترك المنكرات والإلتزام بالتخلية قبل التحلية ، فالتخلية من الرذائل ، والتحلية بالأخلاق والفضائل . والله سبحانه وتعالى حين يدعوالناس إلى الهداية يذكرهم بالرعاية . قال تعالى : " فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ " صدق الله العظيم قال تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (22) " صدق الله العظيم وهذه الأيات تظهر بكل جلاء منهج السماء وهو أن الرعاية تسبق الهداية . ولعل قائلاً يقول أنما يترك للناس الحرية فى المسألة الأخلاقية . أقول إن الإنسان أبن بيئته وليس أبن طبيعته فلو قدر لطفل أن يحيا بين الذئاب سيعوى مثلهم . والأداة هى التى تصنع البيئة . ولها بكل سهولة ويسر ، أن ترفع عن الشعب الضيق والعسر، ثم تربيهم وتزكيهم وتنقيهم وهاتان هما الرعاية والهداية . " تحيا مصر بالرعاية والهداية " المستشار / حمدى الشيوي