المصريون
د . هشام السيد
لماذا لا ينام الزعيم ...
يعرف معظم الناس قصة عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين ، عندما كان يسال مرسال كسري إمبراطور الفرس الناس في المدينة عن كيفية الوصول له ليسلمه رسالة شخصية و كان الحر شديدا في ظهيرة ذلك اليوم، فقالوا له هاهو عمر هناك ينام في ظل شجرة في مكان عام، وعندما اندهش المرسال من بساطة و تواضع زعيم دولة إسلامية امتدت من حدود إيران إلي جنوب اليمن و شمال إفريقيا، تفوه بتلك العبارة التاريخية...عمر .حكمت..فعدلت..فامنت..فنمت... نسمع أبواق الإعلام الموجهة و المتملقين للحاكم يذكروننا يوميا كيف يعاني و يقاسي الحاكم اجتهادا في خدمة شعبه حتي انه لاينام الا اربع ساعات يوميا و احيانا اقل و يضطر ان يلبس النظارة السوداء ليخفي ارهاق عينيه، و لابد ان يشعر الشعب بالامتنان و العرفان بالجميل لذلك. دعنا نتساءل، لماذا لاينام الزعيم ؟ و كيف يستمر اي قائد او مسئول او حتي شخص عادي في العمل و الانجاز لفترة طويلة اذا لم يعطي لجسمه و عقله الراحة المطلوبة...الراحة النفسية والاتزان في الشعور والفكر تاتي عند الشعور بالاطمئنان و الثقة في الله و النفس. عندما يحكم الحاكم باسلوب منطقي و مرتب وممنهج و عادل فلن يكون هناك مايقلقه او يتطلب سهره. عندما يوزع الحاكم مسؤليات ادارة الدولة علي المختصين فيها، كل في مجاله يجتهد مع اطقم خبرائه، و عندما يتوقف الوزراء و المسؤلين عن استعمال ذلك التعبير البائس و المتخلف (طبقا لتوجيهات الزعيم.. فعلنا كذا ...او انشانا كذا.. او سنفعل كذا )سينام الزعيم ساعات اطول,لماذا لايعمل كل في تخصصه و يبقي دور الزعيم في مراقبة الاداء ووضع خطوط عريضة للاتجاه القومي..و التاكد من سيادة العدل و القانون. فلم اري في حياتي في اى دولة متحضرة زعيما يفتتح مجمعا سكنيا او طريق جديد او كوبري. ولم اسمع عن رئيس او ملك يذكر شعبه انه لاينام الا ساعات قلائل من اجلهم. عمر بن الخطاب احد اذكي الاداريين في التاريخ كان يختار الولاة المناسبين لحكم ولاياتهم ثم يبعث من يراقبهم و ياتي له باخبارهم ( هيئة الرقابة الادارية من 1400عاما ). ثم ينام في ظل شجرة في الطريق عندما يشعر بالتعب. فليس مطلوبا من الزعيم ان يكون بطلا او سوبرمان، المطلوب هو التوزيع الجيد للادوار و الحكم بالعدل و القانون.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف