تكاد جميع الاتفاقات التى تقدم كحلول لانهاء الأزمات العربية تحمل فى طياتها بذور انفجارات أو أزمات أخرى، منذ اتفاقية سايكس بيكو التى قسمت المنطقة، مخلفة نزاعات حدودية وغير حدودية فى معظم دولنا، ولم تتعاف المنطقة من هذه الطريقة فى حل مشكلاتها بعد، واتفاق الصخيرات الليبى مثال لذلك،
فقد حمل فى طياته أسباب خلافات وانفجارات عميقة، واليوم يحاول الفرقاء الليبيون فى تونس علاج عيوب اتفاق لم يمض على التوقيع عليه سوى شهور قليلة، ومثلها الاتفاقات السودانية وبين حماس وفتح، وما بين الفرقاء اللبنانيين، ومثلها الوضع فى العراق وسوريا واليمن وغيرها.
وهنا يطرح السؤال لماذا لا تؤتى هذه الاتفاقات ثمارها لمصلحة الشعوب والأنظمة، وفى الحقيقة أن القاسم المشترك الأكبر بين هذه الاتفاقات. أنها تأتى نتيجة ضغوط دولية واقليمية فى المقام الأول، وليس استجابة لاحتياجات داخلية وللمصلحة الوطنية العليا، ولكن لمصالح وأولويات أصحاب الضغوط. كما أن بعض هذه الاتفاقات لا يأخذ فى الاعتبار الأطراف الحقيقية للأزمة، أو يتغافل عن معايير العدل والانصاف، ويخضع القائمون على تلك الاتفاقات لابتزاز أصحاب موازين القوة عسكرية كانت أو اقتصادية. كما أن القائمين على هذه الاتفاقات يهملون التفاصيل الدقيقة التى يتوقف عليها نجاح أى اتفاق. وكل هذه المعطيات تدعو لتغيير نمط التفكير فى أزماتنا والتعامل معها وأساليب التوصل الى حلول ناجعة لها، لأن عدم الالتزام بالمناهج السليمة فى حل الأزمات يؤدى الى استفحالها واستهلاك موارد الأمة وهو ما يقتضى من جميع الأطراف الايمان بضرورة التوافق حول حلول متراضى عليها