المصرى اليوم
عباس الطرابيلى
حملة شعبية لإبادة ورد النيل
تخوض مصر معركة شرسة فى الجنوب، عند منابع النيل، وبالذات مع إثيوبيا، التى لا تعترف بحقوق مصر التاريخية فى مياه النهر، بينما هناك معركة - يجب - ألا تقل شراسة، ولكن فى الشمال.. حيث النيل وفروعه، وترعه ورياحاته.. بالذات فى الدلتا.. وأقصد بها معركتنا مع ورد النيل، الذى يحصل على نفس نصيب كل المصريين من مياه النيل.

وهذا يجعلنا نتساءل: هل صحيح أن الوردة الواحدة من نبات ورد النيل تشرب فى اليوم واحد 4 لترات من المياه.. وهى نفس الكمية التى يشربها المصرى البالغ، من نفس النهر.. وإذا كان الأمر كذلك، كم نفقد بسبب هذه الوردة فى السنة من مياه تحسب بملايين الأمتار المكعبة.. وإذا كان ورد النيل يشرب كل ذلك فماذا يبقى لرى وزراعة ما نأكله ونشربه.. بل وما نستهلكه فى مشروعاتنا الصناعية؟! أليس هذا نوعاً من إهدار أهم ما نملكه من ثروة، وهى المياه؟!

ومن يرى تلك المساحات الشاسعة، خضراء اللون، تغطى سطح معظم، بل كل، مجرى مائى فى مصر، من يرى ذلك يتأكد أننا بالفعل نحارب طواحين الهواء، ونتفوق كلياً على بطل هذه المسرحية «دون كيشوت»، أو كما تنطق بالإسبانية: دون كيخوتة!!

هنا يبقى السؤال: ألا يجب أن تكون معركتنا واحدة للحفاظ على حصتنا من مياه النهر، سواء مع دول المنابع التى تتزعمها إثيوبيا أو مع هذا العدو مجهول المصدر، معلوم الضرر، أى ورد النيل.. علينا أن نجعل مكافحة هذا الداء فى مقدمة معاركنا ولا تكتفى وزارة الموارد المائية والرى بتلك الحملة على كل من يعتدى على النهر.. وحرم النهر، حتى ولو كانت مجرد أمتار قليلة، أليس ورد النيل هو العدو الأكبر الذى يشاركنا فى هذه المياه؟!

هنا مطلوب حملة قومية تشترك فيها كل الأجهزة المركزية، متمثلة فى وزارة الرى وتفاتيشها المنتشرة فى كل بقاع مصر، وهى بالمناسبة من وزارات السيادة، التى كانت تابعة للحاكم منذ قديم الزمان.. وأن تشترك معها كل المحليات.. بعد أن نضحى ولو بعدة ملايين من الجنيهات لشراء المعدات اللازمة لإبادة هذا الوباء.. وأن تتزامن الحملة - فى وقت واحد - لنقضى على أخطر ما يهددنا فيما نملك بشرط أن تبدأ الحملة - وبعنف - بعمليات حصد أو جمع، و«حش» أو إزالة هذا النبات من جذوره، وليس من «على الوش»، ثم ننقله بعيداً عن أى مجرى مائى ليجرى التعامل معه، سواء بالاستفادة منه بتصنيعه واستخدامه علفاً للحيوانات، أو لتصنيع الخشب الحبيبى.. أما أن نتركه على جانبى النهر والترع والرياحات ليجف.. فتلك هى الجريمة الكبرى.. لأنه بعد أن يجف تتطاير بذوره ثم تسقط من جديد فى المجرى المائى لتعود وتنمو.. وتشرب.. وكأنك يا أبوزيد ما غزيت.

هل نعجز عن حملة لا يتجاوز عمرها شهراً واحداً.. لنستريح إلى الأبد من هذا الوباء الذى يرعى فى مياهنا كما يرعى فيروس سى فى أجسادنا.. وكم تتكلف عملية إنقاذ مياه النيل 200 - 300 - 500 مليون جنيه، لا يهم، لأن قيمة المياه نفسها التى يشربها هذا النبات الشيطانى تتجاوز كل هذه الملايين.. بل إن هذه الحملة - القومية - الشعبية تتحول إلى مصدر رزق لعشرات الألوف من المصريين، الذين يشتركون فيها فى كل قرى ومدن مصر.

** على أن تصاحب ذلك حملات لإزالة أى تجمع لهذا النبات عند القناطر والأهوسة والسدود.. ولا نتركه يمر من فتحات هذه وتلك، أبداً. وإذا كان فيضان النيل - زمان - يقوم بغسيل مجرى النهر وكل الترع بسبب سرعة جريانه، حتى إن النهر كان يطهر نفسه كل عام.. فلماذا لا نقوم بذلك لتبقى مياه النيل للناس والزراعة والصناعة.

** وزمان كانت الدولة تؤخر بدء العام الدراسى حتى يقوم التلاميذ بالمشاركة فى جمع القطن.. فلماذا لا يشترك هؤلاء أيضاً فى هذه الحملة أم يا ترى نترك إثيوبيا لتفكر - مثلاً - فى تسعيرة لهذه المياه.. بحجة أننا نهدرها؟!!

** حملة قومية واحدة، فى توقيت واحد، نقضى فيها على هذا الوباء.. ولنعتبرها تماثل - بل أكثر من - حملات مكافحة الدرن والسل والطاعون.. وفيروس سى.

ولكن هذه الحملة مجرد بداية نفتح بها ملف إهدار مياه النيل.. ما رأيكم، يا من تملكون سلطة اتخاذ القرار؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف