الوطن
محمد صلاح البدرى
متى يتوقف وزير الصحة عن إهانة النظام؟!
فى لقاء تليفزيونى للسيد وزير الصحة منذ عدة أشهر مع الإعلامى عمرو الليثى صرح سيادته بابتسامة ساخرة تعليقاً على أزمته مع نقابة الأطباء وقتها أن أحداً لا يملك محاسبته سوى البرلمان!!

كانت تصريحات سيادته كلها فى نفس الحوار -وبنفس الابتسامة الساخرة- تشير إلى أن مشروع التأمين الصحى الشامل قد أصبح مكتملاً، وأن مخصصاته المالية قد تم توفيرها ولا ينتظر سوى موافقة البرلمان ليتم تنفيذه!

لقد مر ما يقرب من عام على ذلك الحوار، ولم يتم تنفيذ المشروع، ونسى الجميع تصريحات الوزير التى يبدو أنها كانت للاستهلاك المحلى. فقط بقى فى ذاكرة الجميع ابتسامته الساخرة التى تثبت أن أحداً لم يحاسبه.. ولن يفعل!

ربما أصبح لزاماً علينا بعد مرور ما يقرب من العام على تولى سيادته منصب وزير الصحة أن نسرد ما يحدث فى تلك الوزارة المكلومة، لعل البعض يدرك ما يفعله سيادة الوزير، أو يفكر فى محاسبته، حتى يتوقف عما يفعله بها وبنا، أو على الأقل يتوقف عن الابتسام ساخراً!

البداية كانت فى عدد ضخم من المستشارين الذين استقدمهم سيادته من أصدقائه حين تولى منصبه، والذين يتقاضون مكافآت مالية من ميزانية الوزارة التى تعانى لتوفير مخصصات مالية لأطبائها، ثم أعقب ذلك القرار بزيادة أسعار الدواء الذى تسرب لشركات التوزيع قبلها بأيام، والذى أدى إلى أنها حققت أرباحاً خرافية فى يوم واحد، وخلق حالة من الفوضى فى سوق الدواء، حتى إن دواء شهيراً لمرضى القلب قد أصبح يباع بثلاثة أسعار مختلفة فى يوم واحد.

الأمر لم يتوقف عند هذه الأزمة التى كانت تتطلب محاسبة سريعة، وإنما استمر سيادته فى سياساته التى أدت لنقص حاد فى المحاليل الوريدية ربما لم يحدث فى أيام الثورة الأولى، حتى إن القصص التى يسردها البسطاء فى رحلتهم للبحث عن «محلول ملح» فى الصيدليات قد يندى لها الجبين!!

ثم أتى خبر القبض على أحد أقرب مستشاريه إليه متلبساً بالرشوة فى قلب مكتبه بالوزارة دون أن يهتز له طرف، ودون حتى أن يظهر على سيادته القلق أو حتى الشعور بمسئوليته الضمنية عن وجود مثل هذا اللص داخل الوزارة بفضله.. لقد رفض التعليق على الحدث وقتها إعلامياً، ثم استمر فى مسيرته «العصماء» بعدها!!

ثم كان تباطؤ سيادته فى تنفيذ الحكم القضائى الذى يقضى باستحقاق الأطباء لبدل العدوى، والذى يضعه تحت طائلة القانون!

أما الكارثة الأكبر فكانت فى ذلك القرار الأخير الخاص بتوزيع ألبان الأطفال، والذى تسبب فى أزمة مفتعلة، ربما هى الأكثر خطورة بين كل أزمات الوزارة السابقة!!

لا شك أنه ليس هناك مشهد يمكن أن يحرج النظام أكثر من نساء يحملن أطفالهن الرضع على أكتافهن ويقفن فى شمس الظهيرة قاطعات الطريق اعتراضاً على نقص ألبان الرضاعة!!

الأمر لا يمكن أن يمر مرور الكرام، ولا يمكن أن يمر دون حساب المسئول عنه هذه المرة، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة!

الكارثة أن الأزمة هذه المرة لم تكن فى عدم توافر الألبان، فمخزون الوزارة يحتوى على ما يكفى احتياجاتها لخمسة أشهر طبقاً لتصريحات مسئوليها. الأزمة كانت فى سيادة الوزير الذى قرر لسبب لا يعرفه أحد سوى الله أن يتم توزيع الألبان المدعمة فى وحدات الرعاية الأساسية بدلاً من منافذ التوزيع الخاصة بالشركة المصرية لتجارة الأدوية.. الأمر كان يمكن أن يصبح قراراً جيداً لو قام سيادته بالإعلان عن ذلك القرار بصورة مسبقة، أو قام بالتمهيد له إعلامياً وشرح ملابساته. أما وقد اتخذ سيادته القرار بين عشية وضحاها وقام بتنفيذه فقد خلق أزمة غير موجودة.. ثم استغاث بالجيش لينقذه من براثن الأهالى الغاضبة!

ربما أخطر ما يحدث هو أن تأمن العقاب، فتبدو مبتسماً فى وجه الجميع، واثقاً أن أحداً لن يحاسبك.

لقد أمن سيادة الوزير العقاب منذ فترة طويلة، وأعلنها صراحة أمامنا جميعاً دون أن يعقب أحد على ما قاله، وقام بكل ما يمكنه أن يُحرج حكومته التى يمثلها خلال فترة توليه الوزارة، دون أن يفكر أحد فى سؤاله!!

فهل يتحرك أحد الآن للحفاظ على ما تبقى من ماء وجه الحكومة؟.. هل يحاسبه أحدهم على كل ما فعله فى عام مضى؟

متى يتوقف سيادة الوزير عن ابتسامته الساخرة التى تهيننا جميعاً؟.. بل متى يتوقف سيادته.. عن إهانة النظام؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف