في الوقت الذي نعاني فيه من تشبع رهيب في عدد تليفونات المحمول.. توافق الحكومة علي رخصة رابعة للمحمول.. فهل هناك إسراف، بل سفه أكثر من ذلك؟!
في مصر الآن تليفون وربع لكل مواطن، حتي الأطفال.. وصار هذا المحمول مظهراً يؤكد اننا لا نفكر كما يجب.. بل لا نفكر إطلاقاً.. والمؤسف ان هذه الرخصة ستؤدي إلي إهدار المليارات خدمة لهذه الرخصة الجديدة.. وكم ننفق علي استيراد مهماتها.. وبالتالي ثمن معدات الخدمة.. أما عن ثمن هذه التليفونات فالحديث يكون بالمليارات.. لأن كل ما فيها: مستورد!
<< وإذا كنا سنقوم بتصنيع كل هذه المعدات.. ساعتها يمكن أن نقبل.. أما غير ذلك فهو إسراف استهلاكي لا تتحمله ميزانية دولة تعاني.. وإذا كانت هذه الرخصة بكل تكاليفها ستؤدي إلى جهد إنتاجي، أي يضيف شيئاً للاقتصاد القومي.. فلا بأس ولكن الشبكة الجديدة تعني إهدار ثروة لا يستهان بها.
وبحسبة بسيطة نرى ان الحكومة تدفع الناس إلى هذا الاستهلاك غير الإنتاجي.. لكي تسحب من جيوبهم بحجة اننا حكومة فقيرة.. وشعب غني! اللهم إلا إذا كانت الحكومة تريد استعادة سيطرتها على وسائل الاتصالات من خلال شركة حكومية.. وتعيد هيبة التليفون الحكومي، بعد أن نسي الناس استخدام التليفون الأرضي.. والله يرحم عصراً كنا ننتظر سنوات طويلة لكي نفوز بتليفون أرضي! الآن لم يعد، إلا أقل القليل منا، من يستخدم التليفون الأرضي.
<< ونسأل هنا: هل هناك قوائم انتظار للحصول على خدمة التليفون، أرضي أم محمول، ثم هل نعرف اننا- كشعب- نأتي في مقدمة الشعوب المستخدمة للمحمول، في العالم كله.. بدليل ان عندنا أكثر من 100 مليون جهاز محمول في أيدي المصريين.. وصار بعضنا يحمل أكثر من خط في جيبه.. دون فائدة تذكر، إلا تغذية هواية اللت والعجن، حتي نجد ان هذا المحمول حطم تماماً العلاقات الإنسانية داخل الأسرة الواحدة.. وإذا لم يكن في الحوار والنميمة فعلي الأقل لمزاولة الألعاب التي تقوم شركات المحمول بتوفيرها عبر هذا المحمول الرهيب الذي يستهلك كثيراً من دخل كل المصريين.
<< أم هو من أوبئة العصر أن يحمل كل واحد هذا المحمول ولذلك نجد الكل يتحدث فيه: سائقاً أو مترجلاً.. أو طالباً في مدرسته . وحسناً فعلت بعض المدارس عندما منعت دخول الطالب الفصل وهو يحمل هذا المحمول.
ترى ماذا كنا نجني من خير، لو استخدمنا مليارات هذه الرخصة في مشروع استثماري إنتاجي.. استثمار يعطينا عائداً وإنتاجاً فيما يعرف بالقيمة المضافة.. أم ان الخير كله يذهب إلى التجار والمستوردين.. والباعة، حتي باعة الاكسسوارات ولوازم هذا المحمول، حتي أصبحت العملية كلها نشاطاً من لا شيء.
<< أو ربما تفكر مصر في إنشاء صناعة تلبي احتياجات هذه الخدمة أي ننشيء مصانع للمحمول نفسه.. وأخرى لقطع الغيار.. وثالثة للأبراج ولوازمها.. ولكننا- بالقطع- لم نفكر في ذلك.