المساء
مؤمن الهباء
الخطر الحقيقي علي البرلمان
لم أصدق التصريحات المنسوبة للدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب ضد الصحافة والإعلام التي ملأت الفضاء الالكتروني حتي قرأتها بنفسي في الصحف وتابعت ردود الأفعال عليها في العديد من القنوات الفضائية إذا لم أكن أتصور أن يضيق صدر رئيس البرلمان بالنقد إلي هذا الحد.. ويعتبر الرأي الآخر مؤامرة لإسقاط المجلس.. وهو الذي يردد انه هو الذي كتب الدستور وصاغ مواد الحريات.. وان مجلس النواب لابد أن يسعي للدفاع عن الحريات وتعميقها.. ليس لأنه دور تشريعي ولكن لأن هذا ما نص عليه الدستور.
وكانت الصحف وبعض القنوات الفضائية قد نقلت هجوم د.عبدالعال علي الصحفيين وغضبه الشديد ممن ينتقدون أداء المجلس ورئيسه.. وحديثه عن وجود قائمة لديه بأسماء صحفيين يسعون لاسقاط مجلس النواب.. ومطالبته للنواب بتقديم بلاغات للنائب العام ضد الصحفيين.
هذه الحملة التي جاءت قبيل انتهاء دورة الانعقاد الأولي لمجلس النواب لن ترهب الصحفيين والإعلاميين.. ولن تخفف حدة النقد.. ثم إن المجلس الذي يتهيب من السقوط بسبب انتقادات صحفية وإعلامية هو في الحقيقة مجلس هش جدير به أن يسقط من تلقاء نفسه.. أما البرلمان القوي الذي يعبر عن إرادة الشعب فيرحب بهذه الانتقادات ويتفاعل معها ويجعلها نبراسا في طريقه.
وهناك فرق بالتأكيد بين النقد الموضوعي وبين الهجوم القائم علي الاساءات والمغالطات.. وهذا الأخير مجاله القضاء.. ولهذا فنحن نطالب مجلس النواب بسرعة اصدار قانون الإعلام الموحد حتي يتسني تشغيل الكيانات الصحفية والإعلامية الجديدة التي تضع مواثيق الشرف ولوائح الممارسة وتصحح المسيرة.. ولا نعرف لماذا يتلكأ المجلس في اصدار هذا القانون في الوقت الذي يسرع فيه الخطي لاصدار قوانين الضرائب وزيادة الأسعار.
وبعد هجوم رئيس المجلس برز تخوف حقيقي ومبرر من أن يكون هذا الهجوم بداية حالة من العداء والتربص بالصحافة والإعلام في مجلس النواب تنعكس سلبا علي قانون الاعلام الجديد فتجعل منه قيدا حديديا علي الحريات.. وتعيدنا إلي نقطة الصفر.. فنبدأ من جديد مرحلة نضال ضد القمع والكبت ويخسر الجميع.
لقد انتقدت الصحف ووسائل الاعلام جميع البرلمانات السابقة بأعنف مما انتقدت به البرلمان الحالي.. وكان رئيس المجلس دائما في صف حرية النقد حتي ولو طاله نفسه وللدكتور فتحي سرور كلمة مأثورة في هذا الصدد نرجو ان يستنير بها د.عبدالعال فعندما كان النواب يضجون بالشكوي مما تكتبه الصحف ضدهم.. ويتصورون ان بمقدورهم كبت الصحافة والإعلام بما لديهم من سلطان وحصانة كان يقول لهم إن ما يقال في الصحف يرد عليه في الصحف.. وإذا كان لدي أحد النواب اعتراض علي شيء فليرد عليه في الصحف كما يقضي القانون.
مازلنا نتطلع إلي أن يركز مجلس النواب اهتمامه بقوانين حماية المواطنين وتحسين معيشتهم ولا ينزلق إلي أزمات ومعارك جانبية.. ويفسح صدره للنقد البناء ويستمع جيدا للرأي الآخر ليستفيد منه.. خاصة عندما تتناقض سياساته وتوجهاته بشكل فج.. مثلما حدث في موافقته علي قانون ضريبة القيمة المضافة ليثقل بها كاهل المواطنين في حين يضع لائحة تعفي دخول النواب من بدلات ومكافآت من الضرائب.
ان فكرة ترك الدرو الرئيسي والانشغال بمعارك جانبية هي الخطر الحقيقي علي البرلمان.. الخطر الذي سيؤدي حتما إلي سحب الثقة منه وعدم الاكتراث بما يدور تحت قبته.. لذلك يجب علي المجلس أن يجعل قضيته الأولي والأخيرة الانشغال بهموم الوطن والمواطنين بدلا من مهاجمة من يختلف معه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف