المصرى اليوم
كريمة كمال
هل تمر الأمور حقاً؟
هذا هو السؤال الذى يجب أن يسأله المسؤولون فى هذه الدولة أمام الأسلوب الذى ينتهجه هؤلاء المسؤولون فى كل أزمة يتصورون أنهم قد استطاعوا تمريرها بالشكل الذى يريدونه.. من أزمة فساد القمح التى أغلقت بإجبار وزير التموين على الاستقالة قبل أن يتم عرض الأمر على البرلمان والتعرض لاستجوابات النواب وإحالة مجلس النواب الأمر إلى النائب العام، ثم وجه مجلس الوزراء الشكر والتقدير إلى الدكتور خالد حنفى وزير التموين السابق على ما ساهم به من مبادرات وما بذله من جهود خلال توليه المنصب.. بدأت الأزمة بخروج مصطفى بكرى للهجوم على الوزير بطريقة لا تخفى على أحد تفضح أسلوب «بشك عليه» ولحظة أن يكون المهاجم هو مصطفى بكرى عليك أن تتحسس عقلك ولا تقبل ما يحاول أن يلقى فيه من قصص ومؤامرات، وكان المطلوب أن نصدق أن الوزير فاسد.. ممكن لكن الوزير أعلن أنه لن يستقيل، وكان مستعدا لمواجهة الاستجوابات فى مجلس النواب عندما فوجئ الجميع به يقدم استقالته وأحيل الأمر إلى النائب العام وبالطبع من المتوقع حظر النشر لنبقى جميعا فى ظلام دامس لا ندرى شيئا فى قصة فساد القمح، فهل يكفى فقط أنهم هم يدرون؟

إلى أزمة تمرير قانون بناء وترميم الكنائس فى مجلس النواب بعد أن مر القانون بأزمة بدأت برفض الأحزاب والمنظمات والاتحادات الممثلة للأقباط والشخصيات العامة المهتمة بحقوق المواطنة لمشروع القانون الذى أعدته الحكومة والذى ظل سريا غير معلن وإنما يتم تسريب أجزاء فقط منه لكن الحكومة تجاهلت كل هؤلاء وتمسكت بقبول الكنيسة للمشروع، إلى أن أدخلت مزيدا من التعديلات عليه فرفضته الكنيسة وهنا جاءت محاولات الوصول إلى اتفاق مع الكنيسة لكى يتم تمريره فى مجلس النواب قبل أن ينتهى من دورته الأولى وقد كان.. ورغم أن الكثير من الداعمين للمواطنة ومن الأقباط قد رأوا فى إجازة القانون «يوم أسود» فى ترسيخ فكرة المواطنة، ورغم ما أكده الكثيرون بأن هذا قانون لمنع بناء الكنائس وليس العكس إلا أن البرلمان بدءا من رئيسه هتف بعد تمرير القانون «يحيا الهلال مع الصليب».. تمت إجازة القانون الذى رأت الدولة أنه ينهى أزمة عمرها مائة وستون عاما فهل هذا صحيح أم أنه يقنن الأزمة بقانون جديد يعيد إنتاجها ولا يحلها بل إنه قد يزيدها تعقيدا.

وأخيرا أزمة اختفاء ألبان الأطفال والتى حذر الكثيرون من أنها أزمة وأن هناك نقصا فى المطروح فى الأسواق وكالعادة خرج علينا المسؤولون للإنكار، إلى أن خرج المواطنون إلى الشارع غاضبين يحملون فى يد أطفالهم الرضع وفى اليد الأخرى زجاجات الرضاعة الفارغة وتدخلت قوات الأمن للفض.. وخرج المسؤولون للتأكيد على أن سبب الأزمة هو بدء الوزارة تطبيق منظومة ميكنة عملية الصرف وناشد الوزير الآباء التوجه لاستخراج الكارت الذكى للحصول على احتياجات أطفالهم، بينما تدخلت القوات المسلحة فى الأزمة بإعلانها أن الجيش سوف يطرح ثلاثين مليون علبة بسعر ثلاثين جنيها للعلبة.

كل هذه أزمات لم تمر فعلا بحلول حقيقية جذرية بل مرت قسرا بحلول إما وقتية أو مفتعلة أو قائمة على إخفاء الحقائق أكثر من كشفها.. والمشكلة الحقيقية هنا أن مثل هذا الأسلوب المفتعل فى مواجهة الأزمات تتضافر فيه كل مؤسسات الدولة من المؤسسات التنفيذية إلى المؤسسات التشريعية الرقابية ممثلة فى مجلس النواب بما لا يدع مجالا لمواجهة الأزمات بشكل حقيقى بل يبدو الأمر وكأنك إما أمام تمثيلية محبوكة ليس لها هدف سوى إخفاء حقيقة الأمر عن المواطن كما جرى فى قصة فساد القمح أو الادعاء بتقنين الأوضاع بقوانين تستند فعلا للدستور ولكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ولحقوق الأقباط التاريخية فى وطنهم كما جرى فى قصة تمرير قانون بناء وترميم الكنائس.. أو بمحاولة التصدى لانفجار أزمة حادة تمس المواطن بحدة عن طريق إما تدخل الأمن لمنع تصعيدها أو تدخل الجيش على طريقته.. لكن هل صدقنا فعلا أن ما يقال لنا فى قصة فساد القمح وهو بالضرورة بالمناسبة متضارب هو الحقيقة؟ بالطبع لا وهل هتفنا مع رئيس البرلمان «يحيا الهلال مع الصليب» أم أننا نضع أيدينا على قلوبنا مما هو قادم.. وهل انتهت قصة أزمة ألبان الأطفال أم أنها مرشحة للانفجار مرة أخرى فى أى لحظة وربما أيضا فى سلع أخرى غير ألبان الأطفال.. مثل هذا الأسلوب ليس تصدياً للمشكلات بقدر ما هو فبركة لادعاء حلها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف