الجمهورية
جلاء جاب اللة
مصر تريد حزبين: مؤيد ومعارض!
أكدت التجربة البرلمانية في دورتها الأولي أن مصر في حاجة ماسة إلي حزبين كبيرين علي الأقل: أحدهما مؤيد للحكومة.. والآخر معارض.. حتي تكون لدينا سياسة حقيقية داخل البرلمان وخارجه.
السؤال الذي يتبادر إلي الذهن بسرعة: أليس لدينا أحزاب سياسية؟!.. والسؤال لا يحتاج إلي إجابة. لأننا إن قلنا نعم. فنحن كاذبون.. وإن قلنا لا. فلم نبتعد عن الكذب أيضاً.. ذلك لأننا لدينا أحزاب سياسية علي الورق.. فشلت تماماً في أن يكون لها علي الأرض نصيب. ووسط الشارع موقف. ورأي وتواجد.
لدينا أحزاب لا يعرف عددها إلا أعضاء لجنة الأحزاب فقط.. أو لبعض المهتمين بالعمل الحزبي.. و"العدد في الليمون" كما يقولون.. ولكن لا توجد لدينا أحزاب حقيقية نستطيع أن نقول إن لها جذوراً قوية في الشارع.. حتي أحزاب المصريين الأحرار. والوفد. والناصري. والتجمع.. تحتاج إلي العودة للشارع. والتواجد الحقيقي وسط الناس. لأنها أصبحت أحزاب نُخَب وأشخاص.. بل إن بعضها كالوفد لا يخلو من نزاع علي واقع ضعيف.
.. الأغلبية الساحقة في مصر مع السيسي كرئيس. وليس الحكومة أحياناً. وبرغم أنها حكومة الرئيس السيسي إلا أن الناس والشارع له رأي خاص جداً. وهو أن السيسي يعمل وحده.. والحكومة تسابق الزمن لتلحق به.. بل إن بعض عناصر الحكومة معوق للسيسي وخططه.
هذا الواقع الذي يفرض نفسه علي الساحة السياسية يؤكد أيضاً أن شعبية الرئيس عبدالفتاح السيسي. وتوافق الغالبية العظمي من الشعب عليه. تفرض أن يكون خارج هذا السياق الحزبي.. وأن يكون حكماً بين كل الأطراف. وأن يكون رئيساً للجميع. وليس لحزب بعينه.. فالحزبان اللذان نريدهما كلاهما رئيسه وزعيمه هو السيسي. ولكن الخلاف في الرؤي الحزبية والسياسية في الآليات. وليس في الهدف. لأن هدف الجميع هو مصر والمصريون!!
.. ما تحتاجه مصر يدفعنا لأن نبحث عن نظام سياسي ليس رئاسياً. وليس برلمانياً. بل هو نظام رئاسي برلماني. يتوافق مع الطبيعة المصرية الحالية.. والرؤية السياسية الشعبية الآنية.. فالنظام الرئاسي البرلماني هو الأنسب لحالة مصر الآن!!
الرئيس السيسي يعبر عن حالة وفاق وطني خاص. وعن حالة إجماع شعبي مع اختلاف الرؤي من أقصي اليمين. إلي أقصي الشمال. طبعاً بعيداً عن المحظورة!!
والحزب الحاكم الغائب عن الساحة ليس هو ائتلافاً أياً كان اسمه. لأن الائتلاف يضم من اليمين إلي اليسار. ومن هنا إلي هناك.. ومصر في حاجة إلي حزب له رؤية ورأي. وفكر يضم كل أبنائه بشرط أن ينبع من القاع.. وأن يكون معبراً عن الناس وعن الشارع. وليس حزباً فوقياً.. ينطلق من نخبة إلي نخبة. لا نريده حزباً حنجورياً. ولا حزب مصالح فئوية. ولا حزباً يعبر عن رجال أعمال. كل همهم مصالحهم الشخصية من خلال ارتباطهم بالحكومة والدولة!!
الحزب المؤيد الذي نريده هو حزب الناس.. حزب الشعب.. حزب الغلابة والبسطاء. والطبقة الوسطي دون تمييز بين غني وفقير.. بين متعلم وغير متعلم.. حزب يقود العمل السياسي في مصر خلال المرحلة المقبلة انطلاقاً وإيماناً بمبادئ القيم المصرية الأصيلة والأصالة المصرية التي أصبحت جزءاً من مكونات الإنسان المصري.. وتنفيذاً لأهداف وآمال ثورتي 25 يناير و30 يونيه.
والحزب المعارض الذي نريده هو حزب مصري يستعد لأن يكون هو الحزب الحاكم أو المؤيد. في مرحلة قادمة.. حزب علماني. لا ديني. لا ينطلق من أفكار تربط نفسها بالدين وتنتسب إليه.. لأننا جميعاً متدينون سواء كنا مسلمين أو مسيحيين. فلا أحد يملك الحق في أن يتحدث وحده باسم الدين. أو يدعي أنه وحده الحزب المدافع عن الفكر الديني!!
نريد حزباً له رأي ورؤية ونابعاً من الشعب أيضاً.. حزباً يعبر عن مصر الحقيقية. ولديه رؤية للنهضة المأمولة.. ويمتلك رؤية شاملة. وعندما يعارض يكون قوياً في معارضته. ملتزماً بالقيم المصرية.. هدفه هو صالح مصر والمصريين. حزباً يعارض من أجل مصر. وعندما يجد مصلحة مصر. لا يجد غضاضة في أن يؤيد ويساند ويدعم الحكومة.
لقد اختلف الكثيرون في تقييم التجربة البرلمانية لمجلس النواب في دورته الأولي.. وللإنصاف. فإن ما تم بغض النظر عن بعض السلبيات فيه إيجابيات كثيرة.. وعلينا أن ننظر إلي نصف الكوب المملوء. لا النصف الفارغ. ونحاول أن نكمله.. لذلك كانت قناعتي أن غياب الرؤية السياسية الحزبية الصحيحة هي أحد أهم عوامل نصف الكوب الفارغ. وهو ما يؤكد حاجتنا الماسة والسريعة إلي دعم تواجد حزبين من القاعدة الشعبية. يعبران عن مطالب المصريين في المرحلة المقبلة.
لبيك اللهم لبيك.. ودعاء لمصر
.. الدكتور أشرف العربي. وزير التخطيط. رئيس بعثة الحج هذا العام.. رجل اقتصادي بارع.. وله رؤية أهلته ليكون واحداً من أهم ــ إن لم يكن أهم ــ وزراء المجموعة الاقتصادية.. الرجل طالب حجاج بيت الله الحرام هذا العام. أن يدعوا لمصر للخروج من أزمتها!!!
.. إذا كان ما هو منسوب للعربي صحيحاً ــ وأعتقد أنه صحيح ــ وهو الرجل الاقتصادي الأكاديمي. فإن ما قاله صحيح وسليم لأنه إذا ضاقت بنا الدنيا فلا ملجأ إلا إلي اللَّه.. ولا مفرج لكل ضيق سواه. وقد عاني الشعب المصري من الأزمات والأزمات. ولن نلجأ إلا إلي اللَّه. فهو غالب علي أمره.. إن شاء الله.
.. في هذه الأيام المباركة. وأكثر من مليوني حاج في مكة المكرمة الآن.. ولعل صلاة الجمعة في المسجد الحرام غداً ستشهد أكبر كثافة عددية في تاريخها.. استعداداً ليوم التروية. ثم وقفة عرفات.. وهي أيام وساعات مباركة يكون الإنسان فيها أقرب إلي اللَّه من أي لحظة أخري.. ولعلها ساعات يستجيب اللَّه فيها دعاء الحاج التقي.. ولعل حجاج بيت اللَّه الحرام يدعون لمصر أن تخرج من أزمتها.. وأن تعلو فوق أزماتها.. وتنتصر لنفسها وللمصريين وللعرب وللمسلمين من كل مؤامرة تُحاك لها ولنا جميعاً إن شاء اللَّه.
صحيح أننا مؤمنون بقدرة اللَّه سبحانه وتعالي وأنه وحده قادر علي كشف الضُّر وأنه وحده قادر علي أن يرزق من يشاء بغير حساب. وبغير قانون. ولكننا نؤمن أيضاً بأن اللَّه سبحانه وتعالي جعل سُنَنه في خلقه هي الأساس الكوني.. ومن سُنن اللَّه أن نعمل ونجد ونجتهد وأن يكون الإنتاج هو سبيلنا للخروج من أزمتنا.. فالسماء للأسف لا تمطر ذهباً ولا فضة!!
أزمتنا أننا نؤمن بالمسكنات والحلول غير الجادة. أو طويلة الأمد.. نريد حلاً الآن.. الآن. الآن وليس غداً.. فقد صبرنا طويلاً.. ونريد حلاً مهما كانت النتائج.
ونحن أيضاً نعيش حالة غريبة جداً. ضاعت فيها الحقيقة وسط أخطاء عديدة تضم في جوانبها بعض الحق.. فلا يوجد حق مطلق. ولا باطل مطلق. ولا صحيح مطلق. ولا خطأ مطلق في هذه الأيام. كثير من الحق في الكلام. ويُراد به باطل.. وكثير من الخطأ يحمل في طياته بعض الصواب. مما يجعل المتابع في حيرة حقيقية.. ويتساءل: وأين الصواب؟!.. غياب الشفافية يؤدي إلي غياب المصداقية. وبالتالي غياب الرؤية.. وتوهان الحقيقة. حيث يحاول كل شخص الانتصار لنفسه. ولما قاله وليس الانتصار للحق.. والصواب.. والوطن.
في كل الأزمات التي نعيشها لا توجد شفافية. ولا توجد حقيقة واحدة كاملة.. ابحث عن أزمة ألبان الأطفال.. وأزمة أنابيب البوتاجاز. بل وأزمة ارتفاع الأسعار.. وأزمات.. وأزمات.. وأزمات.. كلها تغيب عنها الشفافية.. وبالتالي لا يوجد منطق واضح في الرؤية.. ولا علاج واضح حاسم محدد!!
القضية الأساسية عندنا ليست في الفساد وحده. ولكن في غياب الإرادة أحياناً. والخوف من المحاسبة أحياناً أخري. وغياب المتابعة أحياناً ثالثة.. صحيح أن الفساد له جذوره القوية. وحزبه القوي. الذي يسانده.. ويؤمن بالرشوة والمحسوبية والواسطة طريقاً سهلاً لتحقيق أهدافه.. والقضاء علي الفساد يبدأ بالقانون. وتطبيقه بعدالة وشفافية ومصداقية.. فالقانون هو البداية. والإنتاج هو الطريق. وإيجاد نظام تعليمي صحيح يخدم المجتمع. ولا يؤدي إلي البطالة. والبحث عن وظيفة في مكتب إحدي وسائل القضاء علي الفساد. ووجود نظام تأميني صحي اجتماعي يطبق بعدالة وشفافية ومساواة بين المصريين سيكون أفضل طريق لمواجهة الفساد.
وبعد هذا كله نتوجه إلي الله بكل قلوبنا وجوارحنا ندعوه أن يزيل عنا ما نحن فيه.. ساعتها سيكون توكلنا علي الله صحيحاً.. واللَّه أمرنا بالدعاء ووعدنا بالاستجابة.
اللهم في هذه الأيام المباركة نستودعك مصر وأهلها.. ونستودعك شعب مصر. فألهمه الصواب.. وارزقه الخير. ونجه من أزماته. واشدُد من أزره. وأيد بقوة من عندك زعيمه ورئيسه ليحقق كل ما يرجوه من خير لشعب مصر.. آمين يا رب العالمين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف