الجمهورية
محمد فتح الله
صداقة الزمن الجميل!!
"الصداقة كنز لا يفني" حكمة توارثناها أباً عن جد. وحفظناها عن ظهر قلب.. لكن الآن تغير الحال.. حال الدنيا. وحال الصداقة. ويبدو أن ظهور خدمة "التيك أواي" خدمة توصيل الوجبات السريعة أثر علي المشاعر والأحاسيس. سواء في الحب أو الصداقة. فأصبحت قصص الحب لا تكتمل والصداقة لا تدوم. وخدمة توصيل المشاعر الآن تعتمد علي الفيس بوك. أو الواتس أب. وأحيانا الماسنجر. وكلها تندرج تحت بند "التيك أواي"!!
ويرجع الفضل لكتابة هذا المقال إلي إدارة الفيس بوك. حيث اتبعت نهجاً حميداً بتذكير المشتركين بمرور عام علي التعارف مع أفضل صديق. ويبدو أن الفيس بوك يعتمد عند الاختيار علي كثرة التواصل مع الأصدقاء. وغالباً يكون الاختيار صحيحاً فذكرني بمرور عام علي صداقتي مع الصديق الكاتب الصحفي هاني يونس. المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء الأسبق والمتحدث الرسمي لوزير الإسكان الحالي.. وشجعني علي تغيير فكرتي عن الصداقة. صديق الطفولة والشباب ميمي الشحات. حيث نشأت وترعرعت صداقتنا من خلال ممارستنا لعبة المصارعة في استاد مدينة الزقازيق. من المرحلة الابتدائية. وحتي المرحلة الثانوية. وبعدها افترقنا من حيث المكان ولم تفترق صداقتنا. حيث انتقلت إلي القاهرة. وانتقل صديقي إلي ميلانو بإيطاليا. واعتاد علي إرسال رسالة دعاء لي مع صباح كل فجر جديد.. وقيمة الصداقة عبَّر عنها السلف الصالح.. فالفاروق عمر بن الخطاب. رضي الله عنه قال:
"ما أعطي العبد بعد الإسلام نعمة.. خيراً من أخ صالح. فإذا وجد أحدكم وداً من أخيه فليتمسك به".
وقال الشافعي:
"إذا كان لك صديق ــ يعينك علي الطاعةــ فشد يديك به. فإن اتخاذ الصديق صعب. ومفارقته سهلة".
وقال الحسن البصري:
"إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا. لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا. وإخواننا يذكروننا بالآخرة. ومن صفاتهم: الإيثار".
حدثني ماشئت عن الصداقة والمحبة..
فلن تبلغ مقدار قول سيدنا أبوبكر الصديق. رضي الله عنه. عن رسول الله "صلي الله عليه وسلم": "شرب رسول الله فارتويت".
وقال لقمان الحكيم لابنه:
"يا بني. ليكن أول شيء تكسبه بعد الإيمان بالله أخاً صادقاً.. فإنما مثله كمثل: "شجرة". إن جلست في ظلها أظلتك. وإن أخذت منها أطعمتك. وإن لم تنفعك. لم تضرك".
ومن الحكايات التي تعبر عن معني الصداقة.. مرض الإمام أحمد. رحمه الله. ذات يوم. ولازم الفراش.. فزاره صديقه الإمام الشافعي. رحمه الله. فلما رأي عليه علامات المرض الشديد. أصابه الحزن. فمرض الشافعي أيضاً.. فلما علم الإمام أحمد بذلك.. تماسك نفسه وذهب لرؤية الشافعي في بيته.. فلما رآه الشافعي قال: "مرض الحبيب فزرته. فمرضت من أسفي عليه. شُفي الحبيب فزارني. فشفين من نظري إليه".. اللهم ارزقنا الصحبة الصالحة.
قال تعالي: "وسيق الذين اتقوا ربهم إلي الجنة زُمرا".
يقول الإمام ابن القيم. رحمه الله. مفسراً هذه الآية: "يأبي اللَّه أن يدخل الناس الجنة فرادي. فكل صحبة يدخلون الجنة سوياً".
أسأل اللَّه العظيم بأسمائه الحسني وصفاته العلا.. أن نكون صحبة يأخذ بعضنا بيد بعض. وندخل الجنة.. اللهم آمين.
"المحبة في اللَّه.. نعمة من اللَّه.. والتواصل مع الأحبة أُنس ومسرة.. وهُم للعين قُـرَّة".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف