قبل ست سنوات كنت أجلس مع الصديق والأستاذ سعيد عبدالخالق(رحمة الله عليه) رئيس تحرير الوفد، فى غرفة الديسك المركزى، وكان آخر وفود الحجاج على وشك السفر، قلت له:
ــ عايز أطلع أحج
ــ أنت ماحجتش خالص؟
ــ لأ
ــ ماسافرتش مع أى وزارة؟
ــ لأ
ــ ما فيش غير القرعة..
ــ قرعة إية، دا آخر فوج هيسافر أهه
ــ مالكش دعوة، تسافر قرعة؟
ــ بكام؟
ــ أظن 17 ألف و500 جنيه
ــ أسافر أنا ومراتى
ــ ماشى
مسك المحمول وبحث عن أحد الأرقام، وانتهت المكالمة على أن أذهب بعد يومين إلى مقر إدارة الحج بالعباسية بجواز السفر والمبلغ المطلوب، وفهمت من عبدالخالق رحمة الله عليه، أن هذا الفوج هو الأخير، ويسافر فيه بعض الحالات التى تخلفت، والحالات التى تظلمت، والحالات الخاصة.
فى الخامسة مساء جلست على السفرة مع ابنتي وابنى وزوجتي لتناول وجبة الغذاء، سألت زوجتي:
ــ تحجى؟
ــ يا ريت
ــ والعيال نسبها مع مين؟
ــ رؤى كبيرة وهتراعى أخوها
كنا قد اتفقنا منذ فترة أن يسافر كل منا بمفرده لكى يجلس الآخر مع الأولاد ويرعاهما، في عام أسافر وترعى هى الأولاد، وفى عام تسافر هي وأرعى أنا الأولاد، نظرت لأولادي وقلت لهم:
ــ هل نسافر للحج أم نسدد المبلغ كمقدم شقة؟
ــ فى صوت واحد: لأ طبعا تسافروا تحجوا
فى المساء اكتشفت أن جواز سفري قد انتهت صلاحيته، اتصلت بالصديق والأستاذ سعيد عبد الخالق وأخبرته بمشكلة جواز السفر، هون الأمر، وقال لي هات ورق وبكرة نختمه ونطلعه من التحرير، وأضاف: المهم رتب معيشة العيال خلال غيابكما.
في مقر أكاديمية الشرطة القديم بالعباسية، انتظرت مع العشرات من الحجاج، وبعد فترة وقفت أمام الضابط أو الموظف المسئول وسددت المبلغ الخاص بى وبزوجتي، وسلمني بعض الأوراق، وطلب منى أن أنزل وأستلم حقيبة حج حريمي وأخرى رجالي.
فى مطار القاهرة اتصلت بالصديق سعيد عبدالخاق رحمة الله عليه، وقلت له مش عارف أشكرك إزاى، مش هنسالك الموقف ده أبدا، قال لى ما لم أكن أتوقعه أبدا: تشكرني على إيه، ده ربنا اللى دعاك، هو اللي عايزك تزور بيته.