المساء
أحمد معوض
كلمة ونصف .. النفاق اللذيذ!

اليوم انتهت تجربة استمرت لمدة يومين. تجربة غريبة من نوعها. مفيدة في حد ذاتها. حيث كنت قد قررت علنا ممارسة النفاق لمدة 48 ساعة. نفاق بمعناه القريب "المجاملة والتجميل" وليس بمعناه العميق "الكذب والخيانة والفجور".
وقبل أن أفصح عن نتيجة التجربة. سأذكر موقفا صغيرا ولكن أثره علي نفسي عظيم. ساهم في بلورة مبدأ اتخذته قاعدة في معاملاتي مع الآخرين.
بعد مرور أسبوعين من الدراسة في كلية ألسن قسم اللغة الانجليزية. ضاق صدري من صعوبة المواد. ونفد صبري سريعا. كوني طالبا قادما لتوه من الدراسة الثانوية. وأقصي ما بلغه في تعلم اللغة الانجليزية الأفعال الشاذة و"البريزنت سمبل تنس" وكيفية تكوين السؤال!
ومع لقائي الأول بشكسبير الدراما. وأرويل القصة. وإليوت الشعر. اتخذت قرار "اقعدوا بالعافية" إني راحل. عاقدا النية علي التحويل من الكلية. لولا أن جمعني لقاء أسري بزوج خالتي العقيد محمد مرسي. أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية. حيث عنفني بشدة وقال ليّ كلاما قاسيا حتي أقنعني باستكمال الدراسة في الكلية. وختم حديثه معي بهذا المبدأ "يا بخت من بكاني وبكي عليا.. ولا ضحكني وضحك الناس عليا".
من وقتها. وأنا ماشي أبكي في خلق الله جميعهم. تحت مسميات الصراحة والمكاشفة والمصادقة. وهو ما جلب عليّ مشاكل عديدة وخسائر مديدة. ونقص في الأموال "الوظائف والمراتب والدخول التي فقدتها" والأنفس "الاصدقاء والمعارف الذين خسرتهم".
من هنا كانت تجربة النفاق بالنسبة ليّ ثرية للغاية. وأتت ثمارها بأسرع مما تخيلت. علي الرغم من إصرار أصدقائي المقربين عليّ أنني سأفشل في أداء دور المنافق.
كلمات الإطراء والثناء. وألفاظ الحب والإخاء. وعبارات الود والصداقة. كانت لها مفعول السحر مع الجميع. حتي مع أولئك الذين علي علم بأنني "في يومي النفاق".
أطرف ما في التجربة. انني نسيت نفسي في لحظة خلال اليوم الأول من النفاق. وعلا صوتي في البيت معترضا ومستنكرا أمراً ما. فوجدت ابني الكبير يصيح فيّ مذكرا.. "بابا.. انت منافق النهاردة.. انت نسيت ولا إيه؟!"
في النهاية.. بالتأكيد ليس مقالي هذا دعوة إلي النفاق ـ حاش لله ـ ولكنها دعوة إلي الهدوء وضبط النفس وميزان الكلام.. بميزان حساس.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف