نبيل فكرى
مساء الأمل .. عبدالعاطي والإصلاح الزراعي
قليلون هذه الأيام من يعنيهم أمر البلد وصلاح الحال "بجد".. هناك من يدعون ذلك.. بيننا وعلي الشاشات. لكنهم في الحقيقة لهم مآرب. وما أكثرهم. لكن من يهمهم حال البلد فعلاً قلة. وندرة. وبعض هؤلاء أو معظمهم يئسوا من صلاح الحال. فاعتزلوا وانزووا في ركن بعيد يكتفون بالدعاء لمصر أن يجنبها الله الشرور. وأن يخلصها من الفساد والمفسدين.
من بين تلك الندرة شاب بحراوي أصيل ومقاتل. اسمه عبدالعاطي عبدالهادي علي مقيم بقومبانية البرنوجي وطالما أنها "قومبانية" فاسمها يشي بماضيها وحاضرها.. هو من تلك الفئة. التي ظن بعض الكبار لأزمان طويلة أنهم ورثوها مع الأرض. في تلك "القومبانيات" ولد الفساد وشب ونضج. لكنه لم يهرم أبداً.. هو يتجدد كل حقبة.. يبتكر ويجدد. والناس هم من يشيبون ويموتون.
كثير من تلك الأراضي بات في عهدة الإصلاح الزراعي وتلك قضية عبدالعاطي التي يحارب من أجلها ويطرق أبواب المسئولين صباح مساء. حاملاً في حقيبته التي لا تفارقه أكواماً من أوراق الفساد والمفسدين. الذين سرقوا خيرات البلاد والعباد. ولازالوا يرتعون دون حسيب أو رقيب.
من بين أوراق عبدالعاطي وفيها أحكام قضائية ناجزة تلك السرقة عيني عينك التي طالت مسئولين بالإصلاح الزراعي بالبحيرة. خالفوا مقتضيات الوظيفة والضمير ونهبوا من مال الدولة أكثر من مليون و700 ألف جنيه كحافز عن الأراضي التي باعوها خلال الفترة من 1997 وحتي عام 2000 رغم أن ما بيع أصلاً لا تتجاوز نسبة الحافز عنه 200 ألف جنيه.
الغريب أنه بعد الأحكام الثابتة والدامغة والتي قال فيها القضاءكلمته الفصل. مازال بعضهم يرتع ويترقي ويباشر مهام عمله. أو مهام فساده ربما. ولا أحد يدري لصالح من بقاءأي من هؤلاء. بعد أن ثبت أنهم أعداء للوطن والدين والإنسانية.
من أوراق عبدالعاطي أيضاً ما كافح سنوات لاثباته حتي توصل إلي مساحات من الأراضي مهربة ومستولي عليها وهي في الأساس أملاك أميرية سطا عليها البعض فصارت لهم يزرعونها ويبيعونها وينهبون خيراتها ويتحكمون في أرزاق الفلاحين "الغلابة" الذين ولد عليها وبالرغم من شكوي عبدالعاطي وطوافه علي المسئولين إلا أن أحداً لم يستمع إليه.. كل ما طلبه الرجل فحص الأوراق والعقود التي جاءهم بها وبعضها يعود إلي العام ..1934 جاء للدولة بما لها. لكنهم يرفضون.. ربما لأنها أملاك دولة وما أهون الدولة علي موظف بلا ضمير ولا انتماء ولا حتي بلا رؤية وما أكثر موظفينا الذين لا يعرفون أكثر من المكاتب التي يجلسون فوقها.
إلي وزير الزراعة وإلي مدير عام الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وقبلهما إلي رئيس الوزراء وإلي المهندس إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية ومسئول لجنة استرداد أراضي الدولة.. هذا رجل من مصر.. لا ينشد إلا الخير.. رفض أن يضع يده علي خده.. رفض أن يستكين أو يهادن أو يصمت عن سرقة أو فساد.. هل جزاؤه أن نوصد الأبواب في يده.. اسمعوه واربتوا علي كتفيه.. أخبروه أن الزمن تغير وأن مصر أشرقت فيها شمس جديدة.. طمئنوه علي أولاده وغده.. دعوه يصدق أن معركته من أجل الحق لم تذهب سدي.
¼ ما قبل الصباح:
يا عبدالعاطي: هذا عهدي أوفيت به.. اللهم بلغت. اللهم فاشهد.