التحرير
سامح عيد
أنا معارض: فيه مشكلة.. للأسف فيه مشكلة
في الديمقراطيات التي نعرفها، هناك أحزاب، حزب يفوز بالأغلبية فيتولى السلطة فيكون مسؤولا عن نجاحاتها وإخفاقاتها، وتلقائياً يتحول الحزب الآخر إلى حزب معارض، يبحث عن الإخفاقات، يبحث عن المثالب، يبحث عن العثرات، ويبرزها، ويضع الحزب الحاكم تحت ضغط المعارضة ، فيحاول أن يقوِّم أخطاءه، ويحاول أن يسد الثغرات، ويعالج العثرات، وتكون النتيجة في النهاية في صالح المواطن، وفي صالح الدولة وفي صالح بناء الدولة.

واحد يقول، المفروض يتحدث عن نصف الكوب الملآن، للأسف هذا ليس دور المعارضة، هذا دور الموالاة داخل البرلمان، وهو الحزب الذي أنتج الحكومة ومسؤول عنها.

ببساطة دور مباحث التموين أن تبحث عن المخالف، وغير المخالف مش حتديله نيشان، دور أيضاً لجان الصحة ومكافحة التهرب الضريبي وكذلك أجهزة المدن والمحليات، أن تبحث عن المخالفين وتعاقبهم، والملتزم بالقانون ليس لها به شأن، نفس المشكلة بالنسبة للشرطة أو لأي جهاز، البحث عن المخالفين للقانون وتسليمهم للعدالة، ولا شأن لها بالملتزمين، نفس الأمور بالنسبة للسياسة، فالحزب المعارض دوره البحث عن المخالفات، التنقيب عن الخروقات، ودور الموالاة، الدفاع عن نفسها والتسويق لإنجازاتها، حتى تستطيع أن تحصل على ثقة المواطنين، للفوز بولاية سياسية أخرى.

والمعارضة بهذا الشكل هي شيء إيجابي جداً، لأن القول المأثور يقول رحم الله امرؤا أهدى إليَّ عيوبي.

المشكلة في مصر أن الأمور لم تسر بهذه الطريقة، فلا يوجد حزب أنتج حكومة، الأحزاب الأقوى داخل البرلمان شكلت ائتلافاً سمته دعم مصر، والرئيس هو من شكل الحكومة، وأصبح هناك خلط بين الرئيس كونه حاكماً مدنياً، وكونه خارج من المؤسسة العسكرية، وقد زادت رقعة القادمين من خلفيات عسكرية، داخل المحافظين والآن داخل الوزارة، وأصبحت القضية أن الرئيس هو مصر ومصر هي الرئيس، وأصبحت دعم مصر هي دعم الرئيس، وأصبح الرئيس هو الجيش والجيش هو الرئيس، والمعارضة تحولت من معارضة سياسة الحكم إلى معارضة الرئيس وإلى معارضة مصر، وإلى معارضة الجيش، وأصبحت المعارضة وهي شيء إيجابي لبناء الدولة، أصبحت المعارضة هي هدم الدولة، كده الرصَّة اتلخفنت وتحتاج إلي إعادة ترتيب، لأن الأمور بهذا الشكل ليست جيدة.

وجهة نظري أن ينضم الرئيس إلي حزب ونخلص والدستور لا يمنع تواجد الرئيس في حزب كما تقول المادة 140 من الدستور ونصها:

مادة "140": يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالى لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة.
وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يومًا على الأقل، ويجب أن تعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوما على الأقل.

ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أى منصب حزبى طوال مدة الرئاسة.

إذاً المادة لا تمنع وجوده في الحزب كعضوية، ولكنها تمنع شغله لمنصب حزبي، فيا ريت نخلص من الفيلم ده، والرئيس ينتمي كعضوية لأحد الأحزاب، ولو عايز حزب يغلب عليه القادة العسكريون، فعنده حزب حراس الثورة وحزب حماة الوطن، وعدد من الأحزاب من هذا النوع ينتمي لهذا الحزب، ويختار حكومته من هذا الحزب، والوزير قبل ما يحلف اليمين يكون منتميا للحزب، وتصبح الحكومة حكومة الحزب ونخلص، وبهذا ستتحول بقية الأحزاب لأحزاب معارضة بشكل طبيعي، واللي عايز يسيب حزبه وينط في حزب الرئيس ينط هو حر، بس ممنوع على أعضاء البرلمان على الأقل، وإلا يصوَّت بعزلهم، عشان المعارض يكون معارضا لحكومة الحزب وللحزب، وليس معارضاً للدولة ولا لجيش الدولة ولا لمصر.

الصحافة: أنا هنا أتحدث من كوني كاتباً صحفياً من مئات الكتاب في الصحافة المصرية، والصحافة دورها مزدوج، فهي تقوم بالتحليل سواء بالإيجاب أو السلب، فهناك الصحافة الفنية والصحافة الرياضية، من حقها أن تقول إن هذا اللاعب أخفق وإن هذا اللاعب أجاد، وكذلك الصحافة الفنية بخصوص المسلسلات أو الأفلام، ومن حق الكاتب أن يتناول الشأن العام ويتحدث فيه، ومن حقه أن يتحدث عن الأفكار ويتحدث عن التاريخ، ويتحدث عن المشاكل الاجتماعية والظواهر الإنسانية ويحللها، وأحد أفرع الكتابة وهو مهم، الكتابة السياسية عن الواقع المعاش، ومن حق الكاتب أن ينحاز عقليا، للحزب الحاكم أو للنظام الحاكم أو ضده، وانحيازي العقلي ككاتب إلى المعارضة وأن هناك إخفاقات كثيرة يجب تداركها، والمشكلة إني معارض لطريقة الإدارة وليس لقرار في حد ذاته، الإدارة الجماعية الشورية والإدارة الفردية المتسلطة، فحتى لو قرار كان صائباً، فإن الآخر سيكون كارثياً.

أليس من دور الصحفي أن يتحدث عن الإنجازات؟

من حقه طبعاً ولكن حتى يكون هناك فرق بين التطبيل ونشر الوعي، هو أن يكون الإنجاز فوق العادة، وليس على الصحفي أن يكون هذا ديدنه الأساسي، ولكن أن يكون الاستثناء، لأن دوره الحقيقي عندما يتجاوز الأفكار والتاريخ ويتحدث عن الواقع، الحديث عن آلام المواطنين، آلام المواطنين وأوجاعهم، تعني إخفاقات ومثالب هنا وهناك، ودوره أن يكون عين النظام التي يرى بها الواقع، وتتكشف له الأمور، وكثير من الأمور كما نعلم عندما أصبحت قضايا رأي عام بعد تناول الصحافة والإعلام لها، تم حلَّها والاهتمام بها، ويتضخم دور الصحافة وتقوم بدور الحزب المعارض، عندما يحدث هذا الخلل في النظام السياسي، ويصبح البرلمان كله موالاة، ما عدا خمس ست أفراد مفرطين، لا يجمعهم حزب واحد وغير قادرين علي التأثير، يصبح من الواجب الوطني أن تقوم الصحافة بدور الحزب المعارض، ولذلك فأنا معارض، قبل من قبل ورفض من رفض وقمع من قمع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف