يسرى حسان
أي حاجة .. متي يتدخل السيسي لإنقاذ الثقافة الجماهيرية؟
الغريب في الأمر ان رئيس الجمهورية نفسه هو أكثر من يدرك أهمية الثقافة الجماهيرية. ويوصي بها خيرا. لكن ما يحدث علي أرض الواقع يؤكد أن هناك من يعمل ضد إرادة الرئيس ورغبته الصادقة في الارتقاء بالشأن الثقافي المصري.
هذه المؤسسة. التي تعد الأعرق والأكبر بين المؤسسات الثقافية العربية والتي تتابع علي رئاستها عمالقة الفكر والثقافة. وصلت الآن إلي درجة من التدني والسفه تنذر بتدميرها تماما بعد أن تولي الصغار والسكرتارية والشماشرجية أمرها.
لم يكن الرئيس مخطئا عندما أوصي بضرورة الاهتمام بالثقافة الجماهيرية. فهو يدرك أنها الذراع الطولي للثقافة المصرية. حيث تتغلغل. أو يجب أن تتغلغل. في كل قرية ونجع ومدينة. بل في كل شارع وحارة في مصر المحروسة. تنشر الوعي والاستنارة وتقضي علي الإرهاب في مهده. فالرئيس يؤمن - لا شك - ان المواجهة الأمنية للإرهاب يمكنها أن تقضي علي الإرهابيين. أما القضاء علي الإرهاب واجتثاث جذوره فتلزمه أدوات أخري. أهمها الثقافة. ومعها كذلك التعليم والعدالة الاجتماعية والاصلاح الاقتصادي وغيرها وغيرها. وإن ظلت الثقافة هي القاطرة التي يجب أن تقود ذلك كله.
من هنا كان اهتمام الرئيس بالثقافة الجماهيرية ودعوته الدائمة إلي دعمها وتطويرها. لكن الواقع - للأسف - يضرب كل ذلك في مقتل. وأنت إذا أردت أن تصل إلي أصل الداء فابحث عن قيادات هذا الجهاز لتكتشف أنهم معاول هدم وليسوا أدوات بناء وتطوير. لأنهم لا يملكون أي خبرة أو موهبة. ولا يتمتعون بأي كفاءة تتيح لهم وضع استراتيجية لتطوير أداء هذا الجهاز المهم والخطير والذي يضم كفاءات محترمة وفاعلة تم استبعادها. فقط لأنها تقول لا في وجه العدم. ولأن غير الأكفاء وغير الموهوبين لا يستطيعون العمل والعيش إلا وسط اشباههم.
لقد أصبح هذا الجهاز كما لو كان شركة خاصة لرئيسه وسكرتيرته. الموظفة علي الدرجة الثالثة. والتي تعد الرئيس الفعلي للجهاز. وتستطيع اقصاء من تريد وتقريب من تريد. من عامل خدمات معاونة إلي وكيل وزارة.. تصوروا. ويطلقون عليها "سيدة القصور" نسبة إلي قصور الثقافة.
تحول الجهاز إلي بيئة طاردة للموهوبين والمبدعين. سواء من العاملين به أو المتعاملين معه. وأصبحت أغلب انشطته ورقية وبدون أي فاعلية. بعد أن أصبح تستيف الأوراق أهم من إقامة النشاط. وأصبح تقريب المرضي عنهم أهم من الاستعانة بأصحاب الخبرة والكفاءة.
جهاز خطير يستطيع تغيير وجه مصر إذا أتيحت له قيادات وطنية موهوبة ومثقفة. وليس مجموعة من الهواة البارعين فقط في الكلام والادعاء.. وأنت إذا بحثت في سيرهم الذاتية - أرجوكم ابحثوا - ستدرك حجم المأساة وستعرف لماذا وصل إلي هذه الدرجة القصوي من الانحطاط والانهيار.
لا أمل في استعادة هذا الجهاز لحيويته وفاعليته وتاريخه وأمجاده إلا بتدخل الرئيس شخصيا.. ولا تقل لي إنها ليست مسئولية الرئيس. فهي مسئوليته. لأن بقاء الوضع علي ما هو عليه يعني رضاه عنه. ولأننا تعودنا ألا يتحرك أحد لمواجهة أي انهيار يحدث لاحدي مؤسسات الدولة إلا إذا تدخل الرئيس بنفسه. وهذا قدره وقدرنا.. لن اطالبه بعزل هذا أو ذاك فهذه ليست شغلتي.. فقط اطالبه بتكليف أجهزته المعنية بفتح ملفات هذا الجهاز وقياداته.. وسوف يفاجأ بما لا يرضيه.