تعليمات الرئيس ثابتة.. وتصريحات رئيس الوزراء منقولة من تعليمات الرئيس.. كلها تدور حول توفير السلع الأساسية لمحدودى الدخل.. وكلها تؤكد على أن الطرح بأسعار مناسبة.. والحقيقة أنه لا أحد يحدد ماهية السلع الأساسية.. ولا مفهوم الأسعار المناسبة.. المتتبع للأسواق والمراقب للأسعار لا يمكن أن يصل إلى شىء.. فالأسعار ترتفع كل صباح وكأنه فرض.. والسلع تسوء كل فترة وكأنها سُنة.. والدولة تلهث خلف التجار فيما يفرضونه من أسعار.. لا تضبطهم.. ولا تلقى القبض على الجشعين منهم.. ولا على المحتكرين.. ولا حتى تطارد مخازنهم.. وليس معقولاً أن تكتفى الحكومة بطرح لحوم مستوردة بسعر يقل جنيهات قليلة عما فرضه التجار.. ولا أن تطرح كميات كبيرة من كسر الأرز فى أكياس مهترئة.. ويظل سعر كيلو الأرز الأبيض السليم متجاوزاً 8 جنيهات.. أو أنه تطرح كميات من زجاجات الزيت التى تزداد رُفعاً كل يوم.. لتقضى أو تقول إنها تحارب الغلاء.
إننا أمام معادلة صعبة.. أطرافها غير معلومة.. أو ربما يعرفها المسئولون ويعجزون عن مواجهتها فى ظل الحفاظ على قدر من الفساد يسهل ضربه فى أوقات الأزمات.
صحيح أننى لا أتفق مع الاتجاه إلى تحميل الرئيس السيسى المسئولية كاملة.. لكننى أيضاً لا أتفق مع حملات «بلاها» التى يطلقها البعض.. بدءاً من «بلاها لحمة» إلى «بلاها فاكهة».. لأن التطور الطبيعى لهذه الحملات لن يبقى للمواطن إلا الرغيف الحاف.. وهو رغيف لا يكفى لبناء جيل يحمل مسئولية بناء الدولة.. أو إعادة بنائها، وهى المرحلة التى نعيشها الآن.. فما لا ننفقه على توفير الغذاء الجيد للمواطن.. للأجيال القادمة.. سننفقه غداً على إصلاح الأبدان التى أنهكها الفقر والجوع.
لن يستطيع الشعب وحده مواجهة غلاء الأسعار.. وما لم تتدخل وزارة التموين.. ووزيرها الجديد «الشيخ» وأظنه يملك شجاعة اتخاذ قرارات ضبط منظومة السلع والأسعار.. وباقى أجهزة الدولة الرقابية لضبط الأسعار.. وقتل جموح بعض التجار وجشعهم.. سنظل نسمع تعليمات الرئيس.. وتصريحات رئيس الحكومة.. وصرخات محدودى الدخل.