المصريون
رضا محمد طه
الإمتياز الحصري والرؤية من زاوية واحدة
كنت معجباً بشخص وعلم وخلق العالم الجليل والرجل الفاضل-رحمه الله- الدكتور "إبراهيم بدران"أستاذ الطب بالقصر العيني، والذي علمت عنه من خلال محرك البحث "جوجل" انه تقلد مناصب عديدة منها وزيراً للصحة ورئيساً لجامعة القاهرة. لا أدري ما الذي جعلني أتخيل لو أن هذا الرجل -عندما كان رئيساً لجامعة القاهرة- قد قام بإسناد عمادة كافة كليات الجامعة أو إدارة بعض الوحدات ذات الطابع الخاص بها لزملاءه أو أستاتذته من كلية الطب، علي إعتبار أنهم الأكثر ذكاءاً حيث إلتحاقهم وتخرجهم من اكبر كليات القمة في مصر، أو مجاملة لبعضهم. لو كان ما سبق وتخيلناه قد حدث-الحمد لله لم يحدث- فإن أول ملحوظة وستكون علي درجة كبيرة من الوضوح هي أن مجلس الجامعة لن يضم سوي أساتذة الطب فقط، وبذلك سوف يكون أفكاره ورؤاه في إتجاه وفكر واحد وسيغيب التنوع في الرؤي والافكار ومن ثم سيصاب المجلس بالعقم لعدم تلاقح الأفكار فيه وسوف تكون النتيجة بالنهاية بالتأكيد في غير صالح الجامعة، لأنه من الطبيعي وكما يقول المثل "أهل مكة أدري بشعابها" أي إن كل كلية من كليات الجامعة بها من الأساتذة القادرين علي إدارة شئون كلياتهم بما يعلمون من متطلباتها ومشاكلها والتخصص في علومها وبالتالي سيكون لديهم خطط عديدة لتطويرها طول الوقت. كذلك ينطبق الحال ينطبق علي مؤسساتنا، حيث أن كل مؤسسة بها من الكوادر من هم أقدر علي إدارتها بأعلي كفاءة. طبيعي أن ينحاز هوي الإنسان للمؤسسة التي تعلم فيها وسيكون إنتماءه أكبر لو أنه قضي عمره الوظيفي بها، وقد يصل الأمر بالبعض أن يتصور أن المزايا التي بمؤسسته قد لا تتوفر في باقي المؤسسات بما يجعله ينظر للأمور من زاوية واحدة فقط، وقد تؤدي ببعضهم للإستعلاء علي الآخرين علي إعتبار انهم الأكثر قدرة في تنظيم وإدارة مؤسساتهم، وبالتالي فإن المصلحة العامة هي الأكثر ضررا جراء التنافس بين المؤسسات فيما بينها من أجل حجم الدور الذي تؤديه والتضييق علي بعضها لكسب أوالإستحواز علي أكبر مساحة ولو علي حساب الآخرين. المفروض أن المؤسسات جميعاً تعمل في منظومة واحدة بإنسجام وتوافق وتكامل كل في مجاله لتحقيق هدف واحد، بعيداً عن ثقافة الجزر المنعزلة والتي يسود فيها أهداف متعددة ومختلفة ويغلب علي كل جزيرة فيها مصلحتها الشخصية والسعي لكسب مزايا لها فقط ولو علي حساب باقي الجزر، أو القفزعلي أدوار بعضها البعض. في كتابه التميز-الموهبة والقيادة-كتب جون جاردنر قائلاً "من بين مشكلاتنا أن نسبة كبيرة من القيادات في جميع المواقع وفي جميع المستويات في مجتمعنا .....تكافأ من أجل إجتهاد ذي صبغة فردية قام به في نطاق مصالح المجموعة، بغض النظر عما قد يسببه من تدمير للمصلحة العامة. وواضح أن المجتمع الذي تتوزع فيه القوة وروح المبادرة سوف تصبح التعددية خصيصة له، ونعني بالتعددية فلسفة ومجموعة من الإجراءات تسمح بوجود كثير من الأفكار المتنافسة وكثير من الوحدات الإقتصادية المتنافسة، إننا نحب ذلك.....ولكن المرء ينتابه القلق علي مجتمع كل وحدة من وحداته توجه اللوم الي غيرها، والجميع يتدافعون بالمناكب في جشع من أجل مصلحتهم الخاصة دون ان يكون هناك أي إعتبار للجمهورية التي يدعون انهم يحبونها".

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف