الجمهورية
محمد نور الدين
من الآخر - الفضائيات .. تترنح
لن تجذب مشاهداً.. أو تكسب معلنا.. إن استمرت القنوات الفضائية علي حالها.. تعجز عن إدراك خطورة المرحلة.. تبالغ في طرح الخصوصيات.. تتاجر بآلام الناس.. تتناول القضايا بسطحية.. تقيم الايجابيات والسلبيات بمعايير شخصية!!
الخسائر سوف تتضاعف.. وكل يوم ينحدر مركزها في نسبة المشاهدة إلي أدني درجة.. طالما سمحت لمذيعيها بالتجاوز والشطط. وتركت لهم الحبل علي الغارب.. لكي يضرب كل منهم بالمواثيق عرض الحائط.. ويلقي بالقيم والأصول جانبا.. ويتفنن في زرع الاحباط. وإثارة الفتنة.. ويختلق معارك ويدخل في مصادمات ويتبادل التراشق في وقت يبحث فيه "المخلصون" عن التوافق والتلاحم والاصطفاف.
انحدر المستوي. وانخفض الأداء وابتعد الهدف. وغلب إعلام الصوت الواحد.. فانصرف المشاهدون. وهرب المعلنون.. وأصيبت معظم القنوات بالترنح والاهتزاز والارتباك مما دفعها إلي محاولة التماسك والصمود.. فاتخذت بعض الاجراءات الشكلية لتعويض خسائرها المالية والمعنوية..وتتلخص في الاستغناء عن بعض العاملين.. وتقليص عدد قنواتها.. أو الاستعانة بمذيعين جدد..أو تخفيض الأجور والرواتب..!!
في المقابل.. لم تتطرق إلي بحث الأسباب المنطقية التي أدت إلي سوء الحال.. وكأنها تضع "الرأس في الرمال".. رغم أن الأسباب واضحة وجلية.. لعل أهمها المبالغة في طرح أوجاع الناس لدرجة "الاصطناع".. وتوغلت في الخصوصيات..واقتحمت حياة الغير وأساءت إلي سمعتهم. وحطت من مكانتهم!!
"الفبركة".. والصراخ. والعويل.. ساهم في التردي والفشل.. بعد أن لجأت بعض القنوات إلي اختلاق "حدث".. والتهويل من شأنه.. والتضخيم من اثاره.. فضلا عن الاستعانة ببرامج المسابقات المكتظة بمشاهد الرقص والاثارة..والتي لا تخلو من سلوكيات تمس القيم وتهدد سلامة المجتمع!!
تشابهت البرامج في الفكر البالي. والمعالجة الخاطئة.. و التسابق نحو الاثارة والتهييج.. و انحسر الضيوف في أسماء بعينها مل منها المشاهد.. لدرجة أن المتحدث يظهر في اليوم الواحد علي أكثر من قناة ويدلي في كل لقاء برأي مختلف في ذات القضية. وبالتالي انعدمت الشفافية. واختفت الموضوعية. ولاذ المشاهد بالفرار!!
إن الاعلام باضلاعه المرئية والسمعية والمقروءة.. من أهم روافد إعادة بناء الوطن.. ودوره يتعاظم في زمن غابت فيه العلاقة الحميمة..وتباعدت المشاعر وتبلدت الاحاسيس. وعلت الأنانية وسادت النرجسية..ومن ثم لابد أن يتبوأ مكانته..ويتقدم صفوف الاصلاح والتوجيه.. شريطة أن يتخلص من آفاته وشوائبه ودخلائه.. ويبادر باعداد خطة جديدة تستعيد الجمهور.. ويبحث عن أفكار تواكب العصر.. وتناسب الظروف.. ويقدم برامج تخاطب عقل المشاهد وليس عواطفه.. توضح الصورة بنقاء وحيادية.. تعرض المعلومة بصدق وحرفية..تكشف الفساد وتحاربه..تعالج السلبيات.. تشيد بالانجازات.. تحث المواطن علي العمل والانتاج.
لقد آن للمشاهد.. أن يري إعلاما وطنياً.. لايميل يساراً ولايميناً.. يعبر عن الطموحات. يدافع عن المكتسبات. يفتح باب الأمل.. ويغلق منافذ اليأس.. محققا هدفه الأساسي..ساعيا لغايته الأسمي.. ينمي أجيالاً.. ينير عقولاً.. يسهم في إحياء "أمة".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف