ساعات معدودة تفصلنا عن يوم عرفة التاسع من ذي الحجة وهو اليوم الذي خصه المولي بالتعظيم والتشريف فالحج لا يتحقق إلا به.. وفي عشية يوم عرفة كم يستشعر وفد الرحمن فضل هذه الليلة ويستحضرون كل ما سُطر وقيل عنها.. وكيف ان الله عز وجل يهبط إلي السماء الدنيا ليباهي بهم الملائكة يقول سبحانه وتعالي في الحديث القدسي: "عبادي جاءوني شعثاً من كل فج عميق يرجون رحمتي فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل أو كقطرات المطر أو كزبد البحر لغفرتها. افيضوا عبادي مغفوراً لكم ولمن شفعتم له".. آمين.
وأتذكر أثناء أدائي الحج كيف مرت عليّ هذه الليلة وأنا أمسك بيد صديقتي بحثاً عن أقرب مستشفي لقد ارتفعت درجة حرارتها بشكل كبير وازدادت مخاوفها ان يسلبها المرض القدرة علي أداء المناسك علي النحو الذي نرجوه.. وفي أثناء سؤالنا عن الطريق للمستشفي إذا بأحد الحجاج يعلن مندهشاً: أي مستشفي تبحثان عنه في هذه الليلة المباركة امضيا فعلي بعد خطوات من هذا المكان ستريان مشهداً مهيباً تزول برؤيته كل المتاعب وتسكن الآلام.
تحاملت صديقتي علي نفسها وسرنا معاً واتجهنا يميناً لتقع اعييننا علي المشهد الذي تخشع له الابصار وتجهش القلوب بالبكاء حيث ضيوف الرحمن بملابسهم البيضاء كاللؤلؤ المنثور فوق جبل الرحمة.. فاضت اعيننا بالدموع ووقفنا نبتهل من الله أن نكون من المقبولين وتناست صديقتي آلام الرأس وحرارة البدن وعادت إلي الخيمة تدعو الحاجات للخروج لرؤية الأفواج الهادرة التي اتت من كل حدب وصوب للوقوف بجبل الرحمة والدعاء.. ورؤية السيدات العجائز وهن يسابقن الشباب في صعود الجبل!!
ذكريات عطرة تحمل بشريات يصدح بها المنشد كل يوم عبر اثير إذاعة القرآن الكريم قائلا: حجاج بيت الله.. طوفوا واسعدوا..
* من الفائز:
يقول الحبيب المصطفي: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه".