الأخبار
يوسف القعيد
الرئيسان الصيني والروسي .. والرئيس السيسي
اعتراف صغير لا بد منه في البداية. أعترف أنني عندما قرأت ما كتبه الزميل والصديق ياسر رزق عن رحلة الرئيس الصينية الهندية. وأتذكر أن عنوانها كان: الرحلة إلي المستقبل. لم أتوقف طويلاً أمام ما قاله الرئيس الصيني للرئيس السيسي بعد انتهاء كلمته في إحدي جلسات قمة العشرين التي حضرتها مصر لأول مرة. وكانت دعوة مصر ودعوة الرئيس السيسي كضيف شرف في هذه القمة تقديرا لدور مصر واعترافا بأهميتها وإقرارا بأنها تعود كدولة إقليمية عظمي مرة أخري. لها دور محلي ولها دور محوري. وإن شاء الله سيكون لها دور عالمي.
نبهني أحد المسئولين لهذه العبارة. التي رآها هامة وحيوية ولا بد أن نذكر أنفسنا بها آناء الليل وأطراف النهار. وقد حمدت الله لحظتها أن لدينا من مسئولي الصف الأول والثاني والثالث من يقرأون الصحف بهذا القدر من العناية. ومن »يفلونها»‬ كما كنا نقول في الستينيات تعبيراً عن الإعجاب بالقراءة المتعمقة والمتأنية لما ينشر في الصحف. فما ينشر في الصحافة اليومية والأسبوعية والشهرية، ليس مجرد الأخبار ولا الصور ولا التحليلات والموضوعات. لكن أيضاً ما يمكن عند قراءته بعناية واهتمام أن يؤكد لنا: أين كنا؟ وكيف أصبحنا؟ وعلي أي الطرق نسير؟ وماذا ينتظرنا عند نهاية المطاف؟ مع أن طرق الشعوب الكبري مثل شعب مصر العظيم لا نهاية لها علي الإطلاق. فكل آخر طريق يعني بداية طريق آخر وهكذا.
والآن إلي ما كتبه ياسر رزق، في جريدة الأخبار. ضمن رسالته التي كان يغطي فيها رحلة الرئيس السيسي إلي الهند ورحلته إلي الصين:
فور انتهاء الرئيس السيسي من المداخلة الثالثة التي ألقاها أمام قمة مجموعة العشرين خلال جلستهم المغلقة الخامسة، نظر إليه الرئيس الصيني وقال له:
- »‬سيادة الرئيس.. إن مصر تحت قيادتكم قد اختلفت، وباتت في صورة جديدة نقدرها، إننا نتابع الدور المهم الذي تقوم به مصر ونسانده، ولقد استمعت بتمعن إلي الموضوعات التي طرحتها في مداخلتكم، وهي قضايا يتعين النظر إليها بجدية ومتابعتها باهتمام، لا سيما ما يتعلق بظاهرة الإرهاب ونعلم أن مصر تخوض حرباً للقضاء عليه، وكذلك قضية المناخ التي تتحدثون عنها بلسان إفريقيا».
توقف الرئيس الصيني لحظة، ثم قال:
- »‬نحن في الصين معكم ونثق في قيادتكم لمصر، وأنكم ستقودون بلادكم وشعبها إلي النجاح علي طريق التقدم»..
كان تعليق رئيس الصين، علي مداخلة الرئيس السيسي، بمثابة مداخلة كاملة، أثارت إعجاب الكثيرين، وربما أشعلت غيرة البعض!.. لا بد أن الرئيس السيسي شعر بالسعادة، وهو يسمع من رئيس ربع سكان العالم في العلن، وأمام قادة القوي العالمية الكبري، ما سمعه منه في اللقاء الخاص الذي جمعهما أمس الأول.. يوم أمس.
الرئيس بوتين قال للسيسي: »‬تعلمون ما أكنه لكم من احترام وتقدير شخصي، وإنني حريص علي علاقات الصداقة التي تجمعنا، مثلما أحرص علي استمرار علاقات الشراكة الخاصة التي تربط روسيا بمصر، وأعمل علي دعمها وتقويتها».
ولو كان المواطن العادي يتساءل بعد رحلات الرئيس للخارج: ما الذي يمكن أن تعود به علينا هذه الرحلات من فوائد؟ ورغم أن السؤال مشروع ولا بد منه. ومن حق السائل أن يسأله في أي وقت. وربما أكثر من مرة. فلا بد أن تكون لدينا إجابات نقدمها لصاحب السؤال، تنطلق مما يجري علي أرض الواقع دون تهوين وأيضاً دون تهويل. والمعروف أن من يريدون هدم مصر وقطع طريقها يهونون من كل ما يجري. مستجيبين في ذلك لمشروعاتهم. لكن يبقي من حق أهل مصر والمرتبطين بمصر. والذين يعتبرون مصر الغاية والهدف ان يعرفوا الحقيقة كما جرت علي أرض الواقع ولكن دون تهويل. رغم أن التهويل مشروع في مواجهة أشكال التهوين الكثيرة والمنتشرة والتي تزداد يوماً بعد يوم. ونحن نعرف ما يقف وراء ازديادها.
أطلب من القارئ أن يعيد قراءة ما قاله الرئيس الصيني. والرئيس الروسي. والصين من الدول النادرة ذات الحضارات القديمة. ربطتنا بها علاقات حقيقية منذ فجر التاريخ وحتي الآن. وأركز علي كلمة الآن. فقد سبق أن كتبت في هذا المكان عن رحلة الرئيس السيسي إلي الهند والصين. وكان عنواني: العودة إلي الأصدقاء. وقد أدركت عندما قرأت ما كتبه ياسر رزق. أن عنوانه ربما كان أدق من عنواني - وليس لهذا أي علاقة بكونه رئيس تحرير هذه الجريدة - كتب ياسر: العودة إلي المستقبل. وفعلاً إن العودة إلي الأصدقاء القدامي، رفاق الرحلة والدرب والطريق، ما هي إلا عودة إلي المستقبل بما يعنيه المستقبل من الاحتمالات والآمال والأحلام.
وأيضاً فإن روسيا من المعادلات الكبري في عالم اليوم. وشهادة رئيسها بوتين في حق مصر وفي حق الرئيس السيسي مسألة شديدة الأهمية. خصوصاً أن الغرب حاول هدم هذه العلاقات من قبل. وأتمني ألا يكون قد نجح.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف