المساء
مؤمن الهباء
افعلها .. يا شيخ الأزهر
الآن.. قد صار معلوماً للكافة. أن مؤتمر "جروزني" كان فتنة.. وكان مقصوداً لتوريط الأزهر الشريف في تقسيم الأمة وتشتيتها.. وإحداث الوقيعة بين مختلف المذاهب والطوائف الإسلامية.. خاصة بين الأزهر وهيئة كبار العلماء بالشقيقة السعودية.. وهو ما جعل شيخ الأزهر وكبار العلماء يتبرأون من البيان الصادر عن هذا المؤتمر المريب. والأهداف التي سعي إليها.
نعم.. كان مؤتمر "جروزني" مريباً فعلاً.. فقد جعل هدفه تحديد مَن هُم أهل السُنة. والجماعة.. وحصر أهل السُنة في أتباع بعض الفرق مثل الأشاعرة والماتوريدية. والصوفية.. واستبعد فرقاً أخري مثل أتباع المذهب الوهابي والسلفية.. ودق بذلك إسفيناً جديداً بين المسلمين.. وكأنه لا يكفينا ما نحن فيه من فُرقَة وتناحر وتشرذم.. وقد أثار هذا الإسفين غضباً عارماً بين إخوتنا في السعودية الشقيقة.. الذين يضعون أنفسهم في مقدمة أهل السُنة والجماعة.
ولذلك يحق لنا.. بل يجب علينا.. أن نطالب فضيلة شيخ الأزهر بالدعوة لعقد مؤتمر في "مصر الأزهر". يرد علي فتنة "جروزني".. يجمع شتات الأمة ويلم شملها. ويقرب بين صفوفها.. تشارك فيه كل المذاهب والطوائف الإسلامية.. لا يستبعد أحداً لأسباب مذهبية أو سياسية.. وليكن عنوانه "إسلام بلا مذاهب".. أو يكون عنوانه "أهل القبلة والقرآن.. أهل الإسلام".
والهدف من العنوانين واضح.. وهو أن يعترف الكل بالكل.. ونعترف جميعاً بأن كل من يؤمن بالله ورسوله.. وبأركان الإسلام الخمسة.. وبالقرآن الكريم دستوراً وهداية.. فهو من أهل الإسلام.. وإن اختلف في الفروع.. وإن اختلف سياسياً.. أو مذهبياً.. يدخل في ذلك مَن نطق بالشهادتين.. وأعتقد بأن ما جاء به محمد "صلي الله عليه وسلم" هو الحق من عند الله.. وأن كل ما ورد في القرآن الكريم كلام الله عز وجل.
لقد شهد تاريخ الأزهر الشريف دوراً عظيماً في التقريب بين المذاهب الإسلامية في الفترات الحرجة.. وقد تعلمنا من الأزهر ألا يُكَـفَّر ناطق الشهادتين بذنوبه مهما عظمت.. وعندما تتحارب دولتان مسلمتان فإن ذلك يحدث باسم السياسة والمصالح الدنيوية وليس باسم الدين.. المسيحيون تقاتلوا قديماً. ويتقاتلون الآن.. والمسلمون تقاتلوا قديماً ويتقاتلون الآن. وسوف يتقاتلون غداً.. ولكن علينا ألا نزيد من دائرة الفتنة بتكفير هذا الفريق أو ذاك بسب بالحروب والتحالفات والصراعات ونصبغها بالصبغة الدينية.
وليكن دليلنا إلي تلك الدعوة الكريمة لمؤتمر الأزهر الشريف. وقفة حجاج بيت الله الحرام اليوم علي جبل عرفات.. فهؤلاء الحجاج المسلمون جاءوا من كل فج عميق.. من كل أرجاء الدنيا.. تختلف مذاهبهم وطوائفهم وألسنتهم وألوانهم وميولهم السياسية والفكرية.. لكنهم اجتمعوا هناك علي صعيد واحد.. يهتفون هتافاً واحداً: "لبيك الله لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد. والنعمة. لك والملك.. لا شريك لك".
هم مسلمون وكفي.. وقد أمرنا رسول الله "صلي الله عليه وسلم" أن نشهد بالإسلام لكل من نطق بالشهادتين. وصلي صلاتنا. وحج حجنا. وأدي الزكاة مثلنا.. وما جمعه الله سبحانه وتعالي لا يفرقه المسلمون أنفسهم.
فكر جيداً في هذه المبادرة يا فضيلة الإمام الأكبر.. ثم افعلها وتوكل علي الله.. وسوف يثيبك الله عظيم الثواب.. لأنك جمعت شتات الأمة في وقت عصيب.. وأصلحت ما أفسده المتآمرون في مؤتمر "جروزني".. وأي مؤتمر آخر يفرق المسلمين.
لقد ظل الأزهر منارة العلم والهداية.. وحامل لواء الوسطية.. التي تجمع ولا تفرق.. وتقرب ولا تباعد.. وسوف يجد كل مسلم علي وجه الأرض أبواب الأزهر مفتوحة له.. وأبواب مصر تقول: "ادخلوها بسلام آمنين".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف