الوفد
م. حسين منصور
الزيت... المفقود دائماً
كان الاكتفاء الذاتى من الزيوت النباتية الغذائية فى أوائل الستينات يصل إلى 95٪ مع أوائل الثمانينات.. إلى أن وصل الآن إلى قرابة 10٪ فقط من احتياج المصريين!! فمصر تستهلك نحو 1٫5 مليون طن من الزيوت، وتنتج نحو 150 ألف طن..
< تخلت الحكومة عن دعم المحاصيل الزيتية «بذور العبادـ الصوياـ الدرة الشامية».. فتراجعت المساحات المزروعة بالمحاصيل الزيتية من مليون فدان عام 90 إلى 280 ألف فدان عام 2010 وتراجع فول الصويا المزروع من 100 ألف فدان فى عام 92 إلى 17 ألف فدان فى 2010، أما الذرة الشامية فقد تقلصت من 2٫1 مليون فدان إلى 1٫7 مليون فدان فى الفترة الزمنية نفسها..
< تمتلك مصر عددًا كبيرًا من مصانع الزيوت، فهناك النيل للزيوت والمنظفات، ولها 3 مصانع بالصعيد غير مصنع بالقليوبية، وهناك طنطا للزيوت والصابون والملح والصودا المصرية.. كل هذه المصانع تابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، ولا تعمل إلا بنسبة ضئيلة من طاقتها على العصر.. وذلك لانخفاض إنتاج المحاصيل الزيتية... ما جعلها تعمل فى أعمال التكرير والتعبئة، وذلك فى إطار المنظومة السيئة الهادفة للتخلص من القطاع العام، وفى ظل فساد بيّن عبر أربعة عقود متوالية... وليس ببعيد هنا ما حدث فى شركة طنطا للكتان التى تم بيعها فى 2007 بـ79 مليون جنيه، وكانت تضم «مصانع الخشب السميك- الخشب الرفيع- الكتان- الدوبارة الرفيعة- الزيت- الكونتر- اليوريا»... وقد صدرت الأحكام القضائية بفسخ عقد البيع، ويطالب المستثمر السعودى الذى اشتراها بمليار جنيه حتى يردها!!
< فى خمس سنوات مضت أنفقت مصر 40 مليار جنيه على استيراد الزيوت اللازمة، فى ظل سياسة زراعية بائسة، وفساد كبير يجول فى مصانع القطاع العام، وانتهاء صلاحية معاصر الزيوت، وحاجتها إلى تطوير كبير... ومن المؤسف والمحزن أن تفقد مصر إمكانية الاكتفاء الذاتى فى الزيوت، وهى سلعة حيوية فى السوق العالمية، ولا يتجاوز المطروح منها فى السوق 6٪ من الإنتاج العالمى، وتحول أمريكا إلى استخدام الذرة فى إنتاج الإيثانول الحيوي... ونفتقر إلى سياسات زراعية واضحة ذات رؤية عبر نصف قرن!!
< زراعة خمسة ملايين فدان بالزيتون مع نخيل الزيت تحقق إنتاجاً يصل إلى 5 مليون طن من الزيوت، ويعتبر زيت النخيل متعدد الاستخدامات، وإنتاج ثماره يفوق أى إنتاج آخر، وهى نخلة معمرة تستمر لمدة 25 عاماً تبدأ إنتاج التمر بعد ثلاث سنوات... وعليه فزراعة مليون فدان فى الأرض الجديدة بنخيل الزيت كفيل بتحقيق الاكتفاء الذاتى لمصر... كذلك يوصى العديد من الخبراء ومراكز الأبحاث بتخصيص 750 ألف فدان للمحاصيل الزيتية، وفى مقدمتها القطن، وعباد الشمس، والكتان، وزيادة مساحة الذرة إلى 2 مليون فدان، وكل هذا كفيل بتحقيق الاكتفاء الذاتى.. وبالطبع فإن التوسع فى زراعة النباتات الزيتية التى تحتاج إلى مياه محدودة فى الأراضى الجديدة مثل الكانولا والجوجوبا فى الأراضى المالحة والجافة، كل هذا يفتح آفاقاً واسعة للمستقبل.
< الخطط المكتوبة عاليه معلومة لمسئولى الزراعة والتموين والصناعة ولرؤساء البلاد عبر نصف قرن كامل، ولا نعلم أسباباً حقيقية لامتناعنا عن تحقيق الاكتفاء الذاتى سوى أننا نرقد فى بركة آسنة للإدارة الفاسدة، وافتقاد المبادرة والمواجهة والإرادة السياسية لأن نخرج من تلك الكوارث المفخخة لنا...
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف