محمد بغدادى
الفساد.. أقوى تنظيم دولى فى العالم!
يبدو أن التنظيمات الإرهابية لم تعد لها قوة وجبروت تنظيمات الفساد الدولى.. المستشرى فى كل بلاد العالم.. وقد ثبت بما لا يدع مجالا من الشك.. أن هناك تنظيمات و(مافيا) دولية تتحكم فى اقتصاديات العالم.. وبالتحديد اقتصاديات الدول الفقيرة.. وهذه القوى الاقتصادية العالمية لها أصابع وأذيال هنا فى الداخل.. وقد أشرنا من قبل وهنا وفى هذه الزاوية إلى أن هناك ضغوطاً سياسية تمارس ضد دول العالم الثالث.. وفى مقدمتها الدولة المصرية.. وهناك منظمات حقوقية.. وجماعات وميليشيات إرهابية مسلحة متعددة الجنسيات.. ولعل أخطر هذه الضغوط وأشدها عتوا وفتكا بإرادة الشعوب.. ومن بينها الشعب المصرى.. هى الضغوط الاقتصادية.. مثل تلك التى تمارس على الدولة المصرية فى الداخل والخارج.. والتى وصلت إلى حد الإرهاب الاقتصادى.. تماما كإرهاب المنظمات الإرهابية المسلحة فى سيناء.. وكل هؤلاء يسعون لتركيع مصر وسحق إرادتها الحرة. فأصحاب المصالح فى الداخل من بقايا عصر الفساد.. ومافيا الاحتكارات.. وشبكة المستوردين من الخارج.. والتى تمر عبر بوابات ومنافذ الفساد الكبرى.. وبشكل (شرعى!) وفى وضح النهار تحت سمع وبصر كل الأجهزة الرقابية.. مستعينة بشبكات الفساد والمصالح.. من خلال (الفواتير المضروبة).. وشهادات منشأ.. ومواصفات قياسية أيضا (مزورة!).. حاملة لنا كل الأمراض التى أصابت الشعب المصرى وكلها جاءت عبر بوابات الفساد المفتوحة على البحرى منذ أربعين عاما.. ومازالت حتى الآن تمارس فسادها بثبات وانتظام وتوسع! حتى تراجع سعر الصرف للجنيه المصرى.. وكانت النتيجة الخراب المستعجل.. وعجزاً فى الموازنة بالمليارات.. وكل هؤلاء ليس لديهم أدنى شعور بالوطنية.. ولا بالأزمة التى تهدد الدولة المصرية.. وتطيح باستقلال القرارات المصيرية المصرية.. وكل همهم التربح والثراء الفاحش.. وهناك غسيل أموال.. ورءوس أموال تأتى من الخارج لمصريين بالتأكيد هم شركاء فى هذه المهزلة التى نعيش فيها.. وهناك مسئولون كبار يسهلون إصدار قوانين تساعد الطبقة الفاسدة على تقنين الفساد وتوحشه. فمنذ أيام قليلة.. كشف الجهاز المركزى للمحاسبات.. أن إدارة الشركة المصرية للأقمار الصناعية.. صرفت مكافآت للأعضاء المنتدبين دون وجه حق خلال عامى 2014 و2015 بلغت نحو مليون دولار.. أى عشرة ملايين جنيه.. وأوضح الجهاز أنه تم صرف مكافأة قدرها 757 ألف دولار (6.7 مليون جنيه) عن نتائج أعمال عام 2015 بما يعادل مكافأة 32 شهرًا.. رغم صرف أرباح لمجلس الإدارة بنحو 2.87 مليون دولار.. كما تم صرف مكافأة قدرها 255 ألف دولار (أى نحو 1.95 مليون جنيه) عن نتائج أعمال عام 2014 بما يعادل مكافأة 13 شهرًا رغم صرف أرباح للمجلس بقيمة 2.063 مليون دولار عن أرباح نفس العام.. وانتقد الجهاز المركزى للمحاسبات ارتفاع المصروفات التسويقية فى 30 يونيو الماضى إلى 0.539 مليون دولار بنسبة زيادة قدرها 232% من قيمة المصروفات التسويقية عن نفس الفترة من العام السابق.. فى حين بلغ إيراد النشاط فى تاريخ المركز المالى مبلغ 86.124 مليون دولار مقابل 95.260 مليون دولار لنفس الفترة من العام السابق بانخفاض بلغ 9.136 مليون دولار بنسبة انخفاض بلغت نحو 10% ما أدى إلى انخفاض مجمل الربح بنسبة 19% وصافى الربح بنحو 17% فى الوقت الذى ترتفع فيه أسعار السلع الأساسية بنسبة خيالية.. وتفرض ضرائب القيمة المضافة لتتراكم الأعباء على كاهل المواطن البسيط.. وتقفز فواتير استهلاك الكهرباء فى المنازل قفزات خرافية بلا منطق.. بينما الفاسدون يخرجون لسانهم للشعب المطحون وهم يخرجون من السجون ومن قضايا توصف بالجرائم الكبرى مثلما تخرج الشعرة من العجين.. فهذا الذى دفع مبلغ 77 مليون جنيه فى قضية الأقماح والصوامع وتصالح وخرج من السجن.. والثانى الذى دفع 86 مليون جنيه وتصالح وخرج أيضا.. وهل هذا معناه أن ملف القضية أغلق أم مازال مفتوحا.. وإذا كان قد خرج على ذمة القضية فمن يضمن لنا بقاءه داخل البلاد.. (وسكة أبوزيد كلها مسالك!). وهنا يقفز السؤال الأزلى.. هل هذا يعنى أن نفقد الأمل ونصاب بالإحباط واليأس الأسود.. ونذهب لننتحر (!!).. بالطبع لا.. وليست هذه الرؤية الكابوسية سببا فى كتابة هذا الكلام.. ولكن الهدف فقط هو طرح المخاطر لندرك حجمها الحقيقى.. لنبحث معا عن الحلول.. وهى ليست مستحيلة.. ولا تحتاج إلى معجزة.. والبرازيل وصلت إلى الدرك الأسفل من الانهيار.. والأرجنتين.. واليابان وألمانيا بعد هزيمتهما فى الحرب العالمية.. وغيرها من الدول.. فالحلول متاحة ولكنها فقط تحتاج لإرادة سياسية.