الوفد
علاء عريبى
أصول البكورية
هل ميز المصريون الابن البكر؟ هل عرفت الحضارة الفرعونية نظام البكورية؟ هل طبق فى مصر قبل معرفة العبريين له أم بعده؟ وهل وصلتنا شواهد أثرية تشير لهذا النظام أم أنه لم يخرج عن النص التوراتى؟.
فى مقال سابق ذكرنا بعض النصوص التوراتية التى أكدت وجود نظام البكورية فى مصر، وأن ضربة إله بنى إسرائيل العاشرة للمصريين كانت لكل مفتتح رحم، شملت جميع الأبكار فى الإنسان والحيوان والنبات، واليوم نذكر بعض النصوص التاريخية التى وصلتنا من الأسر المختلفة، وجميعها تؤكد الأخذ بنظام الابن البكر فى مصر، فقد كان الإله، والحاكم، والكاهن، ورب الأسرة.
فى طيبة أصبح «خنسو» ابنًا للإلهة «موت»، وفى دندرة أصبح «إيحى» ابنا لحاتحور، وفى سايس اضطرت «نايت» أن تقبل تمساحًا «الإله سوبك» ابنًا لها، وإذا كان فى نفس وأصبح «أمون» زوجًا للإلهة «موت»، وأبًا «لخنسو»، وأتخذ بتاح معبود «مفيس» من «ساخمت» (التى كانت رأسها على شكل رأس الأسد) حبيبة له، وأصبح ابنه ذلك المعبود الصغير «نفر – تم» الذى لم يكن سوى زهرة، وهناك أمثلة كثيرة لهذه الأسرات الإلهية منتشرة فى كل مكان، وأشهرها عائلة أوزيريس، فإذا أضيف ابن أو ابنة يتكون الثالوث المقدس، على سبيل المثال أن الالهين آمون وأوزوريس يتلوهما فى الحال الثالوث آمون وموت وخونسو، أو أوزيريس وايزيس وحورس، وأنشودة آمون المدونة على بردية ليدن، يستهل محرر الأنشودة قصيدته بالاشارة إلى هذا الثالوث:
ثلاثة هم كل الآلهة، آمون، رع وبتاح، الذين لا مثال لهم».
وفى هذا النظام اللاهوتى كان هذا الابن هو الأبن البكر مفتتح الرحم، ويتضح هذا فى ترنيمة لأوزريريس – أون - نفر – ببردية أنى:
مجدًا تتجمد يا أوزريريس أون نفر الإله العظيم فى «إبدو» (ابيدوس ).. ملك الأبدية.. سيد الخلود.. الذى عبر فى وجوده ملايين السنوات.. الابن البكر لرحم «نوت» من بذرة «سب إربعت».. سيد ملوك الشمال والجنوب … رب التاج الأبيض النبيل، أنه كأمير على الآلهة والبشر، قد تلقى عصا الصولجان والمذراة ورفعة الأباء المقدسين، ليرقد قلبه فى جبل «أمنت»، راضيًا لأن ابنه «حورس» قد تربع على عرشه.
وفى ترنيمة أخرى: لقد مهدت له الطريق وفعلت كل ما أمرت به، أتيت إلى « ددو».. نظرت أوزريريس، تحدثت إليه عن ابنه البكر الذى يحبه.
وكما اختزل الكهنة اللاهوت فى النظام الأسرى المؤسس على البكورية، دشنوا أيضًا نظام الحكم فى نفس النظام، على اعتبار أن الحاكم هو ناسوت الرب، فهو منهم وهم أباؤه وهو ابن لهم، وكان كل إله أو إلهة فى المعبد يخاطبه على أنه ابنه، فقد كان من الشائع أن الملك ليس سوى الابن البكر للإله الأب أو للإلهة الأم، وكان الملك يفتخر بهذه البنوة، يقول تحوتمس الثالث:» أنا ابنه (آمون) لقد أمر أن أبقى على عرشه..لقد أنجبنى من بذرة شهوته.. وأمدنى بكل اشعاعه وغذانى بحكمة الآلهة.. فأنا ابنه محبوب جلالته».
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف