الأهرام
فتحى محمود
العمل الإنسانى العربى
أتمنى أن يكون وقف إطلاق النار فى سوريا بداية حقيقية نحو التوصل إلى تسوية سياسية تنهى أضخم مأساة إنسانية فى العصر الحديث،
وعندما شاركت منذ عامين فى تغطية أعمال المؤتمر الدولي الثالث للمانحين لتخفيف الأزمة الإنسانية في سوريا الذى استضافته دولة الكويت سمعت أرقاما مفزعة عن حجم المأساة السورية، فالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أطلق جملته الشهيرة: «لدي شعور بالعار والغضب الشديد والإحباط من عجز المجتمع الدولي عن وقف الحرب».

‎كاشفا عن عدد القتلى حتى الآن منذ (مارس ٢٠١٥) بلغ رسميا أكثر من 220 ألف سوري، وهذا الرقم أكثر بكثير على الأرجح من واقع الحال، وهناك 4 من 5 سوريين يعيشون في فقر وبؤس وحرمان، فيما فقدت البلاد مكتسبات أربعة عقود من التنمية البشرية، وتخطى مستوى البطالة 50%، وتراجع نمط الحياة بمقدار 20 عاما، وأرغم نصف السكان من رجال ونساء وأطفال على مغادرة بلادهم، وأطفال سوريا يعانون، والأزمة ستخلق جيلا ضائعا بسبب دمار المدارس، إلى جانب معاناة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا أيضا البالغ عددهم 560 ألف شخص كانوا يتمتعون بالاكتفاء الذاتي، واليوم يعتمد 95% منهم على منظمة الأونروا. ‎بينما اوضحت فاليري آموس، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية والطوارئ ومنسقة الإغاثة أن هناك 12 مليون سوري بحاجة للمساعدة، ونصف مليون لاجئ فلسطيني يعانون من العنف في سوريا، مشيرة إلى أن أكثر من 400 ألف يعيشون في مناطق محاصرة لا يمكن وصول المساعدات إليهم، وهناك مليونا طفل لا يذهبون إلى المدارس.

‎هذه الأرقام تضاعفت بالتأكيد منذ ذلك الوقت وحتى الأن مع تطور العمليات العسكرية واتساع نطاقها، فالمؤتمر الدولي الثالث للمانحين لتخفيف الأزمة الإنسانية في سوريا عقد فى شهر مارس الماضى وقد استضافت الكويت مؤتمرين قبله لنفس الغرض، وأكد أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، أن المؤتمرين الأول والثاني حققا نجاحا كبيرا، معلنا عن تخصيص بلاده 500 مليون دولار للشعب السوري، من بين 3,8 مليارات دولار تعهدات مقدمة من الدول المانحة خلال المؤتمر. ‎وكشف مزيدا من الأرقام المفزعة منها أن النزاع شرد نحو 12 مليون شخص في الداخل والخارج في ظل ظروف قاسية وأوضاع معيشية مأساوية، كما حرمت الكارثة 2 مليون من الأطفال اللاجئين دون سن الـ18 من أبسط حقوقهم التعليمية والصحية الأمر الذي يهدد مستقبل جيل كامل ويجعله أمام مستقبل مظلم، وأصبح الاقتصاد السوري في حالة انهيار شبه كامل، إذ بلغت خسائره أكثر من 200 مليار دولار وارتفعت نسبة البطالة لتصل إلى 57 في المئة وانخفض متوسط الأعمار للشعب السوري إلى 55 سنة، إضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر بشكل كبير، كما بلغ عدد اللاجئين السوريين في الخارج قرابة أربعة ملايين ليسجل السوريون أكبر مجتمع للاجئين في العالم.

‎والحقيقية أن الكويت بذلت جهدا كبيرا فى تخفيف الأزمة الإنسانية في سوريا، وجاء ذلك استمرارا للدور الكويتى فى هذا المجال، فمنذ أن تولى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم في الكويت عام 2006 شهدت الكويت تناميا كبيرا في دعم المساعدات الإنسانية وتوسيعها بشكل ملحوظ إلى مختلف أنحاء العالم، ودأبت على أن تكون سباقة في العمل الخيري الإنساني وأن تمسك بزمام المبادرات العالمية في هذا الجانب حيث حرصت الكويت خلال السنوات الماضية على زيادة حجم التبرعات في الدول التي تصيبها كوارث أو أزمات، لذا لم يكن غريبا أن يتم اختيار الكويت «مركزا للعمل الانساني» وأن ينال أميرها لقب «قائد للعمل الانساني» من جانب الأمم المتحدة، ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أمير الكويت بأنه «قائداً انسانياً»، وقال إن الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لعب دورا مهما على الصعيد الانساني ما جعل من الكويت مركزا إنسانيا عالمياً، وهو مايتفق مع وصف مؤلفة كتاب (الكويت في حقبة الالفين - التطور الداخلي والسياسة الخارجية) للدكتورة يلينا ميلكوميان رئيسة قسم الشرق المعاصر في الجامعة الروسية، بإن أمير الكويت «قائد سياسي محنك وحكيم» مشيرة الى الدور الذي لعبه مرارا في معالجة الازمات الاقليمية وحل الخلافات بين الدول، ‎ومما لا شك فيه أننا بحاجة إلى مزيد من جهود تعزيز العمل الإنسانى فى السياق الذى تقوم به الكويت وأميرها، فى ظل الأوضاع المضطربة الكثيرة التى يشهدها العالم بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص.

‎‫#‬ كلمات: لا أحد يستحق دموعك، ولئن استحقها أحد فلن يدعك تذرفها. ‎جابرييل جارسيا ماركيز
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف