الوطن
محمد صلاح البدرى
سيادة «اللواء» الوزير..!
فى نقاش مع صديق «عاقل» -وهو أمر صار نادراً فى الأيام الأخيرة- عقب صدور قرار تعيين سيادة اللواء وزيراً للتموين.. كان الرأى أن قرار تعيينه قد جانبه الصواب قليلاً.. والرأى الآخر أنه الأنسب فى هذه المرحلة.. ولكل رأى منهما مبرراته التى يستند عليها!

الرأى الثانى كان يستند إلى أن الاستعانة برجل عسكرى ربما هو أفضل ما يمكن فعله فى هذه الأيام.. خاصة بعد كل الاتهامات التى طالت الوزير السابق.. وقضايا فساد منظومة القمح التى ما زالت تنظر حتى الآن.. لذا فالاستعانة برجل عسكرى سيحسن الوضع داخل الوزارة التى أصابها الكثير من التلف!!

والرأى الأول يخصنى.. الذى ما زلت أعتقد أنه سليم بدرجة كبيرة.. وأن النظام قد جانبه الصواب فى قرار تعيين سيادة اللواء فى هذا المنصب.. وفى هذا التوقيت تحديداً..!

الأمر لا يتعلق بشخص سيادته.. فلا أعرفه بصورة شخصية.. بل إن سيرته الذاتية قد تجعل الكثيرين يتحمسون له.. ولمَ لا والاختبار الأقوى الذى تعرض له -حين كان رئيساً لهيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة عقب ثورة يناير- قد نجح فيه بامتياز.. و لا أعتقد أن نجاحه فى تلك المهمة العسيرة حقاً وقتها كان من قبيل الصدفة..!

تحفظى على تعيين سيادة اللواء لأسباب محددة.. ربما أصبت فى أحدها أو كلها.. أو ربما أخطأت فى رؤيتى تماماً.. لا أعرف تحديداً.. فقط أردت أن أعرض وجهة نظرى علها تنير قبساً من الضوء لمن يهمه الأمر!

الأول أن سيادة اللواء قد صار وزيراً فى وقت غير مناسب بالمرة.. فقرار تعيينه قد يصبح سبباً فى أن تنهال الانتقادات على النظام وتتكاثر الاتهامات ضده بعسكرة الدولة.. خاصة فى وقت يزداد فيه النقد ضد تداخل المؤسسة العسكرية فى الحياة المدنية بصورة كبيرة.

السبب التانى أن كل هذا قد لا يعنى شيئاً إن كان النظام يسعى للبحث عن الأنسب والأفضل فى كل المجالات.. ولكن، وما أصعب الأشياء التى تأتى بعد هذه الكلمة!!

فهل تخلص النظام من كل من أساء إليه وأهانه فى الشهور الماضية؟.. هل فكر فى تغيير وزير للتعليم يخطئ فى الإملاء؟.. هل تخلص من وزير للصحة دمر وزارته حرفياً؟!

وإذا كان تعيين سيادة اللواء هى بداية الإصلاح.. فهل سنرى قريباً وزيراً للصحة من داخل المؤسسة العسكرية أيضاً؟.. هل سيأتى وزير التعليم المقبل عسكرياً؟!

الصورة لا تشى أن اختيار الوزير قد خضع لمعايير الأفضل والأنسب.. ولكنها خضعت لمعيار واحد.. وهو معيار ضمان النزاهة.. الذى يحمل صكه سيادة اللواء لانتمائه للمؤسسة العسكرية!

السبب الثالث وهو فى نظرى أهم سبب.. فمنصب الوزير هو منصب خدمى تنفيذى.. يتعلق بشكل مباشر بالمواطن العادى بل والبسيط تحديداً

إن سيادة الوزير فى النهاية بشر.. يصيب ويخطئ.. كما أنه ينتمى لحكومة قد تصيب وقد تخطئ.. وحكومتنا الحالية تحديداً قد تخطئ أكثر مما تصيب.. هذا يعنى أن سيادته سيتعرض للنقد حتماً بصفته أحد أفراد تلك الحكومة.. وأحد المسئولين «المدنيين» عن قوت المواطن.. فهل سيتحمل سيادته النقد منفرداً.. أم سينعكس نقده على المؤسسة العسكرية التى ينتمى إليها؟!

هل سيتم توجيه النقد لشخص سيادته أم سيعتبر موجهاً بصورة مباشرة إلى كيان أرفض شخصياً انتقاده لأنه يحمل شرف الأمة؟

الطريف أن كل الصور والأخبار التى تم تداولها عقب القرار قد أظهرت سيادة الوزير بزيه العسكرى.. مما يشير إلى أنه لم يخلع بذلته العسكرية قبل أن يتولى منصبه المدنى.. هل تفهمون ما أعنيه؟

لقد تم اختيار عسكرى ليقوم بمهمة مدنية ووسط مدنيين.. فهل سيتم التعامل معه بمنطق المدنيين؟!

أعتقد أن اختيار سيادته لهذا المنصب ربما يلقى بالمزيد من الأثقال على المؤسسة العسكرية.. ويحملها المزيد من المسئولية التى تحملها على عاتقها.. والمزيد من الانتقادات التى تطولها دون ذنب جنته إلا محاولة تصويب الأخطاء فى هذا الوادى الطيب.

الأيام المقبلة ربما تثبت صحة رؤيتى.. أو ينجح سيادة الوزير فى أن يرفع الحرج عن نفسه ومؤسسته القومية.. وإن كنت أتمنى نجاحه من أجل البسطاء.. ومن أجل الوطن.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف