هل كان يمكن أن يصدق أحد أن الكونجرس الأمريكى يسمح للأمريكيين بمقاضاة مسئولين سعوديين بتهمة الاشتراك فى هجوم 11 سبتمبر؟ وهل يصدق أحد أن نص القرار يفتح الطريق لمقاضاة مسئولين سعوديين سابقين من بينهم الأمير بندر بن سلطان أشهر سفراء السعودية فى واشنطن وهو نجل ولى العهد الأسبق الأمير سلطان بن عبدالعزيز أحد الأمراء الكبار الذين ساهموا فى بناء المملكة؟ وهل كان يمكن أن يصدق أحد أن نواباً فى الكونجرس يطالبون بعقاب السعودية بسبب الضحايا المدنيين فى اليمن وإلى حد المطالبة بضرورة وقف ما وصفوه حرفياً «بالعدوان السعودى» هناك؟ باختصار.. ماذا يجرى فى المنطقة والعالم؟ وما علاقة مصر بما يجرى؟ وهل له علاقة بلجوء مصر لصندوق النقد الدولى؟
الإجابة ليست صعبة إنما شاقة وطويلة لا تحتاج إلا الصدام المباشر أولاً مع أعداء نظرية المؤامرة، ثم ثانياً ربط أحداث كثيرة ببعضها.. لكن الملفت للنظر أن (الوطن) نشرت فى أول أكتوبر 2013 ملخص ترجمة للتقرير الذى نشرته الـ«نيوزويك» الأمريكية عن أن هناك 5 دول قد تتحول بالتقسيم إلى 14 دولة وكان على رأسها السعودية بنصيب 4 دول مفترضة وأرفقت «الوطن» الخريطة المتخيلة لذلك!
السؤال المنطقى هو: هل يمكن أن تنشر «النيوزويك» هذا التقرير دون ارتباط أو موافقة أو تسريب من دوائر رسمية أمريكية؟ وهل نشرها بعد ثلاثة أشهر فقط من عزل مرسى والإخوان عن حكم مصر مجرد صدفة؟ الإجابة المعروفة أن عدداً كبيراً من وسائل الإعلام الغربية هى أصلاً امتداد لعمل أجهزة أمريكية رسمية تؤدى دوراً بات معروفاً للجميع وبالتالى فلا يمكن أن تنشر «النيوزويك» تقريرها وفى التوقيت المذكور دون مراجعة أو قل توجيه من دوائر وأجهزة أمريكية معروفة!
وطوال الثلاث سنوات السابقة والولايات المتحدة تدير ملف الاتفاق النووى مع إيران بكثير من الغموض حتى إنه الاتفاق الوحيد الذى ظل حتى لحظاته الأخيرة تتسرب الأنباء عن تأجيله أو إلغائه أو عدم الالتزام به حتى بعد توقيعه وبما يشى بأن هناك ما يجرى سراً بين أطراف الاتفاق المعروفين ودول الخليج التى تقودها السعودية وباعتبارهم الطرف الآخر المتضرر منه، ويبدو أن هناك مطالب سعت لتحقيقها الولايات المتحدة وخصوصاً فى فترة الإعلان عن فشل الربيع العربى.. إلا أن هذه الفترة أيضاً شهدت توقف «فكرة» الجيش العربى المشترك، ثم بدأ التباين بين مصر والسعودية فى الموقف من الأزمة السورية والشد والجذب بين مصر وقطر والخلاف حول قضايا أخرى، منها تسليح الجيش الليبى والاعتراف بحفتر وما تلاها من تشكيل «التحالف العربى» فى اليمن ورفض مصر الاشتراك فيما سمى بالتحالف الغربى ضد الإرهاب فى سوريا والعراق!
السؤال أيضاً: إن كنا لا نؤمن بأن ما جرى سابقاً لم يكن صدفة ولا يمكن أن يكون صدفة.. فعلينا أن نكمل خط التساؤلات على امتداده ونسأل: وهل هبوط أسعار النفط صدفة؟ وهل ظهور «ترامب» وما قاله عن السعودية وبحدة غير مسبوقة لا أخلاقية ولا دبلوماسية هو أيضاً صدفة؟ نؤجل الإجابة عن ظهور «ترامب» لنسأل: هل يمكن أن ينخفض سعر النفط ومعدل التجارة العالمية دون تدخل من تجمع «بيلدبيرج»؟ للإجابة أيضاً علينا أن نختصر تعريف هذا التجمع أو هذه الجمعية للقارئ لنقول إنها إحدى 5 جمعيات يشار إليها بأنها تحكم العالم من خلف الستار.. الأمر لا نردده نحن العرب فقط بسبب عشقنا الدائم لاستسهال فكرة المؤامرة، إنما باتت تنشره مؤسسات إعلامية معتبرة ولها وزنها منها «آر تى» الروسية العربية و«سبوتينيك» الروسية أيضاً والوصف معاً بأنها واحدة من هذه الجمعيات الـ5 التى تتحكم فى مصير العالم فعلاً بل هى أخطرها على الإطلاق.. والوصف بأنها تضع سياسات العالم السرية سياسياً واقتصادياً بل وإعلامياً وتضم 150 شخصية عالمية يمثلون أوروبا وأمريكا أشهرهم هنرى كيسنجر السياسى الأمريكى الأشهر الذى أعلن عام 2005 بعد اجتماع للجمعية أن سعر بنزين النفط سيتجاوز الـ150 دولاراً، فوصل بالفعل إلى 170 دولاراً!
هذه الجمعية اجتمعت فى منتصف يونيو الماضى فى «دريسدن» شرق ألمانيا فى فندق يحمل الاسم نفسه للفندق الذى تأسست فيه الجمعية قبل 64 عاماً بالتمام والكمال فى هولندا ولا نعتقد أن الأمر صدفة وحضر المؤتمر الذى استمر لأربعة أيام كل من مديرة صندوق النقد الدولى كريستين لاجارد ووزراء الدفاع والداخلية والمالية الألمان ورئيس وزراء بلجيكا وكسينجر طبعاً والمدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الجنرال ديفيد بتريوس ورئيس الاستخبارات البريطانية السابق دون سواريز ورئيس المفوضية الأوروبية السابق خوسيه مانويل باروسو، إضافة لملك هولندا ورئيس وزرائه ومعظم المشاركين بالمؤتمر دول أعضاء فى حلف شمال الأطلنطى والأخطر هو حضور كل من الملياردير الأمريكى المعروف ديفيد ونلسون روكفلر (أحد أفراد عائلة روكفلر اليهودية الشهيرة) ورؤساء مجموعات النفط والغاز الغربية العملاقة وشركات إيرباص وتيليكوم ومجموعة شبرينجر الإعلامية العملاقة! وقبل أن يسأل أحد عن نتائج الاجتماع يجب القول إن الاجتماعات سرية ولا يحضرها الصحفيون ولا أى وسائل إعلام ولا ينعقد لها مؤتمر صحفى ولا تصدر عنه مقررات مكتوبة وتحاط بالسرية المطلقة وتؤمنها إجراءات أمنية غاية فى التشدد.. وهنا نسأل: ما علاقة ذلك بما يجرى فى المنطقة مع السعودية ومصر؟ هل له علاقة بلجوء مصر لصندوق النقد الدولى للحصول على الأموال؟ وهل له علاقة بزيارة اللواء أنور عشقى، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بالسعودية إلى القدس ولقائه بسياسيين إسرائيليين؟ هنا نختتم هذا الجزء بمعلومة بسيطة هى أن اللواء عشقى هو المستشار السياسى للأمير بندر بن سلطان، السفير الأسبق لدى واشنطن، التى سمحت الأخير، كما قلنا فى سطورنا الأولى بمقاضاته!!
وللحديث بقية!