الأهرام
اسماء الحسينى
«يشتغلون على أنفسهم» وننشغل بالناس
«بيشتغلوا على حالهم كتير» هكذا وصفت لى الزميلة العزيزة الإعلامية اللبنانية ثناء عطوى سر تميز اللبنانيين، أى أنهم يعملون على تنمية قدراتهم وإمكاناتهم الشخصية وتأهيل أنفسهم ثقافيا وفكريا. وأعتقد أن هذا الأمر هو مفتاح وسر النجاح لأى شخص أو شعب. أراد النجاح أو النهوض.

وقد سألت صديقة أخرى عاشت فترة طويلة فى الغرب عن سر تقدمهم وتأخرنا، فقالت لى هناك يهتم كل فرد بأموره الشخصية، أما عندنا فالجميع منشغلون بالآخرين. وأعتقد أن كلام صديقتى صحيح، وهذا مربط الفرس، فالغالبية العظمى من شعوبنا إلا من رحم ربى منشغلون بغيرهم .. بما لا يخصهم.. بالحكم على الآخرين وفرض معاييرهم الذاتية عليهم، وهذا الأمر هو الذى يفتح الباب للمشكلات والتشاحن والبغضاء، وربما يتطور إلى مشكلات عويصة وبغضاء لا تنتهى تتوارثها الأجيال جيلا بعد آخر.

إن من حسن دين المرء وخلقه ومروءته ألا يتدخل فيما لا يعنيه، وأن يترك الفضول والتجسس والتلصص على أمور الآخرين، أو التدخل فى شئونهم ومحاولة فرض وصاية ما عليهم بأى شكل أو تحت أى ذريعة، وأن يكون رحيما لطيفا ودودا فى تعاملاته مع سلوكيات الآخرين وتصرفاتهم، متسامحا وملتمسا الأعذار متغاضيا عن العيوب والهنات قدر الإمكان.

ولو سعينا جميعا لسلوك هذا النهج المأمورين به دينيا والمطالبين به أخلاقيا، لأغلقنا كثيرا من أبواب الشر، ولأفسحنا أمام أنفسنا وقلوبنا وعقولنا فضاءات أرحب وأكثر سعة وجمالا وتحضرا لتعاملات أكثر إنسانية مع أنفسنا ومع الآخرين، ولأساهمنا ولو بلبنة صغيرة فى بناء رقى مجتمعاتنا وتحضرها، وللسمو قبل ذلك بأنفسنا، فتنمية أخلاق البشر وتحضرهم السلوكى والعقلى هو عامل مهم فى بناء نهضة المجتمع وتقدمه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف