لا يفوت القيادة السياسية في مصر القراءة الواعية لما يحدث في العالم. خصوصاً داخل حدود الشرق الأوسط. ومنطقة الخليج. لأننا مازلنا في مفترق طرق. إذ الانتخابات الأمريكية علي الأبواب. ووصول رئيس جديد إلي البيت الأبيض "أي رئيس" سيزيد من خلط الأوراق الإقليمية والدولية خلال الفترة المقبلة. وستكون المنطقة مسرحاً لمواجهات محتملة لإعادة تقسيمها بما يخدم مصالح واشنطن. ولذا. فإن الفترة المقبلة تستلزم يقظة وتعاوناً من جانب ما تبقي من القوي العربية الفاعلة. للحفاظ علي أنفسها. من هنا تأتي رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي الاستراتيجية. والتي تعتمد علي العمل في كافة المحاور. خصوصاً السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لإعداد مصر للمستقبل. وهو ما عبر عنه خلال لقائه الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان. وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي. إذ شدد علي أن الأمن القومي العربي. بما في ذلك أمن منطقة الخليج. جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري. وأن القاهرة لن تتواني عن تقديم كل سبل الدعم والمساندة للدول العربية الشقيقة.
ولا يتوقف العمل عبر المحور السياسي علي حماية أشقائنا العرب. بل إن الرئيس لا تتوقف مجهوداته لإعادة مصر. لتتبوأ مكانتها العالمية من خلال إيجاد حلول للمشكلات التي تواجهها. ومنها مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني. فقد زار المستشار نبيل صادق. النائب العام. روما أخيراً. لعرض مستجدات القضية علي المدعي العام الإيطالي. جوسيبي بيجناتوني. بهدف إعادة الود للعلاقات بين القاهرة وروما. التي شهدت توتراً كبيراً عقب مقتل "ريجيني" نتيجة تدخل أطراف أخري كثيرة سعت لسكب الزيت علي النار. لإفساد العلاقة بين البلدين. وإذا كان المصريون خصوصاً. الوطنيون منهم يطمئنون علي مستقبل بلدهم وفي قمرة قيادتها رئيس اختاروه بإرادتهم. إلا أن التهديد خلال الفترة المقبلة سيكون وجودياً للكثير من الدول العربية. ويقيني أن مصر تعمل بجهد لتجنيب أكثر عدد من الدول العربية تجرع مرارة التقسيم.
وحتي تكون بلادنا قادرة علي مجابهة التحديات المتوقعة. وتجنب بلادنا الوصول إلي مرحلة الخطر. يسعي الرئيس إلي الإسراع في العمل بالمحور الاقتصادي بقوة. عبر تنفيذ برنامج إصلاحي يقودنا إلي التنمية. وتالياً امتلاك زمام المبادرة والقدرة علي الدفاع عن مصالحنا أمام أي دولة مهما كانت قوتها. و"القائد" الذي يقاتل علي كل الجبهات في وقت واحد. حريص علي إنهاء مشكلات مصر التنموية المتشابكة منذ عشرات السنين. ويجيء تسلم مصر مليار دولار. وهي الدفعة الأولي من قرض قيمته 3 مليارات دولار من البنك الدولي. خطوة جادة في سبيل تحقيق حلم التنمية الصعب. ولا يتوقف الدعم لمصر عند هذا الحد. بل إن مسئولين مصريين يبحثون مع نظرائهم السعوديين إمكانية تقديم الرياض لوديعة بقيمة تتراوح بين 2 و3 مليارات دولار كجزء من التدبير التمويلي لمبلغ 6 مليارات دولار لضمان الحصول علي قرض صندوق النقد الدولي البالغ 12 مليار دولار. في الوقت الذي اتفق فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي. مع نظيره الروسي "فلاديمير بوتين" علي إعادة السياحة.
وأقول لكم: إن الرئيس يحتاج إلي ظهير شعبي قوي لمساندته في استكمال مهمته والوصول إلي بر الأمان. خصوصاً في الوقت الذي تسعي فيه قوي الفتنة في الداخل إلي إثارة الفتن. لتفتيت النسيج الاجتماعي. إذ تواصل جماعة الإخوان هجومها علي الدولة في محاولة لإسقاطها. واتخذت من أزمة حليب الأطفال جبهة للهجوم علي الحكومة. وأطلقت الأكاذيب التي تزعم أن وزارة الصحة تكشف علي أثداء النساء في الشوارع للتأكد من استحقاقهن الحليب من عدمه. والغريب أنهم يعتقدون أن "الحرب القذرة" التي يشنونها ستعيدهم إلي الكراسي التي أسقطهم عنها الشعب. لا يريدون أن يتعلموا أن إرادة الشعب هي مَن تصنع الزعماء وتجلسهم فوق العروش. وأن حب الأوطان ليس سلعة تُشتَري من الأسواق عند اللزوم لامتلاك مقاليد السلطة. فالتاريخ لن يرحم أمثال هؤلاء الأفاقين. الذين باعوا أنفسهم في سوق النخاسة.