كل عام وأنتم بخير أيها القرّاء الكرام. العيد فرصة للفرح والخروج من الأحزان ولو مؤقتًا. تساءلت بينى وبين نفسى، وأنا اليوم للعلاج فى لندن، هل يكون العيد المقبل، عيد الأضحى المبارك رسالة سلام من الأمة الإسلامية إلى العالم الذى يضحك علينا أو يجرنا إلى المهلكة، ونحن بكل سذاجة أو جهل أو عمالة نقع فى تلك الشراك التى ينصبها لنا الغرب لأسباب لا تخفى على عاقل؟
دعونا أيها القرّاء الكرام، ننظر فى أحوال العالم العربى وحده على سبيل المثال، أو العالم الإسلامى الواسع الممتد من أندونيسيا إلى المغرب العربى وموريتانيا. ماذا يرى الإنسان أى إنسان؟ يرى المشاهد العادى صراعًا مدمرًا فى سوريا منذ خمس سنوات، ويرى صراعًا تستخدم فيه كل أنواع الهلاك والدمار منذ أكثر من ثلاثين سنة فى العراق، مرورًا بالحرب العراقية الإيرانية، ثم غزو الكويت، ثم دعوى وجود أسلحة دمار شامل، ثبت كذب تلك الحجة من الغرب نفسه وكلام تونى بلير، خير شاهد على ذلك. ذلك لمن لا يزال يرى أن الغرب برىء من التخطيط لتقسيم الغرب والسعى لكى يتم التطبيع والسلام الدافىء بين الحركة الصهيونية وربيبتها إسرائيل ومع العالم العربى والإسلامى.
إن الحركة الصهيونية العالمية وإسرائيل لا يؤمنون بالسلام أصلًا سواء كان باردًا أو دافئًا. هل يدرك العرب والمسلمون هذه البديهية. وقد رأينا فى السنوات الأخيرة بصفة خاصة من لم يعد لديه أى حياء يمنعه من المناداة جَهْرًا بالتطبيع مع العدو الصهيونى.
كما يرى المشاهد حربًا شرسة تجرى على أرض اليمن كجزء من ذلك الصراع، وهذه الحرب القذرة المهلكة تجد تغذية خارجية من الجيران الذين يرفعون علم الإسلام، ولا يردعهم ذلك الدمار.
أما فى ليبيا فالوضع أسوأ من توقعات الجميع، انتهت الثورة فى ليبيا بخراب حتى قال بعضهم: «إن مظالم القذافى وإجرامه كان أدنى مرتبة وأقل سوءًا من الأوضاع السائدة اليوم فى ليبيا». هذه البلاد العربية التى تشهد هذا الصراع المدمر، تشهد تدهورًا فى التعليم والصحة والأخلاق والإمكانات المادية فضلًا عن علاقات متوترة بين الجيران بل والأهل والأصحاب. يأتى العيد ليشهد جزءًا من الصراع فى العالم العربى والإسلامى بدلًا من الوفاق والمحبة والسلام وهى بعض القيم التى يدعو إليها الإسلام. قال «صلى الله على وسلم» فى خطبة الوداع: «أيها الناس إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا». ومما جاء فى هذه الخطبة الجامعة الشاملة العظيمة وهى خطبة الوداع قوله «صلى الله عليه وسلم»: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده أبدًا، كتاب الله وسنتى، وفى رواية وعترتى» كما جاء فى المراجع وكتب الحديث والسير.
سألت نفسى وأرجو أن تسألوا أنفسكم أيها القراء الكرام، هل الأموال والدماء العربية والإسلامية والدماء عمومًا والأموال عموما حرام علينا كحرمة الأيام المباركة التى نمر بها. وهل العرب والمسلمون متمسكون أو معتصمون بكتاب الله تعالى وسُنة رسوله الكريم كما جاء فى الحديث، الإجابة عن هذين السؤالين توضح حال الأمة اليوم وتوضح مدى خطورة الصراع والدمار واستحلال الأموال والدماء. أتمنى أن يشرح العلماء لحكامنا خصوصا، وأهل الصراع فى العراق وسوريا واليمن وفى ليبيا خصوصا، قوله «صلى الله عليه وسلم»: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول فى النار، قالوا يارسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال «صلى الله عليه وسلم»: «إنه كان أحرص على قتل صاحبه».
وفى ختام هذا المقال أذكر الأمة بقوله «صلى الله عليه وسلم» : «ما من أيام العمل الصالح أحب الى الله عز وجل من هذه الأيام أى أيام العشر من ذى الحجة. وفى ظنى أن أحسن العمل الصالح فضلا عن العبادات وفعل الخيرات، هو إيقاف الصراع والتوقف عن الصراع المهلك فى العراق وسوريا واليمن وليبيا، وبالله التوفيق. وكل عام وأنتم بخير.