الوطن
د. محمود خليل
بترول ليبيا.. مطمع
من يملك النفط يملك الحكم!.. هذه الحقيقة تنطبق أشد ما تنطبق على الدول البترولية، لذلك فقد تحول بترول ليبيا إلى مطمع، سعى اللواء خليفة حفتر إلى السيطرة عليه، وأفلح فى ذلك، حين أعلن منذ بضعة أيام أن قواته تمكنت من بسط نفوذها على حقول الهلال النفطى، وعلى رأسها حقلا رأس لانوف والسدرة. ما إن فعل ذلك حتى بادرت الولايات المتحدة الأمريكية وخمس دول أوروبية إلى إصدار بيان مشترك يدين سيطرة «حفتر» على النفط، ويؤكد أن هذا الأمر تم بليل بعيداً عن الحكومة الشرعية التى يقودها فايز السراج، وبالطبع فقد نددت حكومة «السراج» بخطوة حفتر، وفى الوقت نفسه خرجت بعض الأصوات منها مؤكدة أن فلول نظام القذافى ومرتزقة أجانب ساندوا حفتر فى إنجاز هذه الخطوة.

بترول ليبيا مطمع، هذه المسألة لا خلاف عليها، مطمع لأطراف عديدة، داخل ليبيا وخارجها. الطبيعى أن يخص أمر النفط الليبى الليبيين وحدهم، لكن طبيعة البترول كسلعة استراتيجية عالمية، هى التى تدفع بقوى خارجية إلى دس أنفها فى الأمر، والدليل على ذلك التحرك الأمريكى الأوروبى الذى جاء بعد ساعات من سيطرة «حفتر» على الهلال النفطى، وهو التحرك الذى دعمته حكومة «السراج»، فى الوقت الذى تبنى فيه مجلس النواب الليبى خطوة «حفتر» ودعمها، وأكد رئيس مجلس النواب، والقائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية، المستشار عقيلة صالح قويدر، أن تحرك القوات جاء بناء على تفويض من جميع المؤسسات الرسمية، وأطياف الشعب الليبى المختلفة، لتحرير الهلال النفطى من محتلى ومعرقلى تصدير النفط والذى أثر سلباً على حياة المواطنين.

نخلص من ذلك إلى أن الأطراف الليبية نفسها منقسمة ما بين التأييد والتنديد بعملية حفتر، ومن المؤكد أن كل طرف سيجد خطاً خارجياً يدعمه، والأرجح أن تدعم أطراف غربية الحكومة، فى مقابل أطراف إقليمية من الوارد أن تدعم حفتر، ومجلس النواب الليبى. فى كل الأحوال نحن أمام أزمة مرشحة للتصاعد خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، ويخيل لى أن الطرف الداعشى سيتم حقنه وتنشيطه خلال الأيام المقبلة، ومن الوارد أن تخف قبضة ووتيرة عمليات «البنيان المرصوص» ضده، كى يتم استخدامه فى معركة الهلال النفطى. ومؤكد أن مصر ليست بعيدة عما يحدث فى ليبيا، فحدودنا معها تمثل مصدر قلق وصداع لم ينقطع طيلة السنوات الماضية، ولعلك تتابع العمليات التى تقوم بها القوات المسلحة المصرية من حين إلى آخر ضد المتسربين الداعشيين عبر الحدود الغربية، ناهيك عن أن الوضع فى ليبيا وتحرك قوات أجنبية على ساحتها أمر يثير قلق صانع القرار المصرى. وقد أصبحت ليبيا منذ فترة زمنية طويلة مرتعاً لقوات من دول مختلفة، بما فى ذلك مجموعة من القوات الخاصة الأمريكية التى دخلت تحت ذريعة القيام بعمليات ضد تنظيم داعش. فى كل الأحوال لا بد أن يكون لدينا فى مصر تصور واضح حول الكيفية التى يمكن التحرك بها فى الملف الليبى، بعد أن أخذ منعطفاً جديداً، عقب احتدام الصراع وتمركزه حول الهلال النفطى الليبى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف