جلاء جاب اللة
11 سبتمبر الموافق وقفة عرفات
في ظل ما يحدث في العالم كله الآن.. داعش وأخواتها يواصلون الإرهاب والولايات المتحدة تمارس إرهاباً من نوع آخر. بالضغط علي حلفائها.. وإظهار الدعم لأعدائهم وتقسيم المسلمين باعتبارهم العدو الأول في ظل هذه الأجواء. كانت مصادفة مرت علي كثيرين. وهي أن يوم وقفة عرفات. صادف ووافق 11 سبتمبر.
ذكري عرفات أو تحديداً حجة الوداع. عندما سأل رسولنا الكريم "صلي الله عليه وسلم" مَن يحجون معه. وكانوا آلافاً من كل قبائل العرب. التي دخلت الإسلام أفواجاً.. سألهم الرسول الكريم: "أي يوم هذا؟!.. فسكتوا.. وواصل الحبيب المصطفي: أليس يوم النحر؟!.. قالوا: بلي.. قال الحبيب المصطفي: أي شهر هذا؟!.. وواصل: أليس الشهر الحرام؟!.. قالوا: بلي يا رسول الله.. ثم سأل سؤاله الثالث: أي بلد هذا.. أليس مكة؟!.. قالوا: بلي".. وهنا يضع رسولنا الكريم قاعدة عامة للبشرية كلها. لو سمعتها لنجت مما نحن فيه الآن.. فيقول "عليه الصلاة والسلام": "أيها الناس.. إن دماءكم. وأموالكم. وأعراضكم. حرام عليكم كحُرمة يومكم هذا. في شهركم هذا. في بلدكم هذا".
انظر إلي كلمات الحبيب المصطفي. وتأمل بلاغته في رسالته الحكيمة.. سألهم أولاً للتنبيه. وشحذ الاهتمام. عن اليوم والشهر والبلد.. وعندما تنبهوا. وعرفوا أنه سيقول أمراً مهماً للغاية.. وكلهم آذان صاغية. كانت الرسالة للعالم كله.. فقال "صلي الله عليه وسلم": أيها الناس.. لم يقل أيها الحجيج وهو يخاطبهم.. ولم يقل أيها المسلمون. أو أيها المؤمنون.. بل قال: أيها الناس.. فهي رسالة للعالمين جميعاً.. تعبر عن مدي الأهمية والخطورة. وقيمة النصح.
إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم. وماذا بعد؟!.. وهل بعد الدم والمال والعرض وحُرمته. شيء أهم؟!.. حُرمة الدماء لكل البشر.. والمال بما فيه الوطن والأملاك.. والعرض بما فيها أعراض الناس والأوطان والجماعات.. ماذا بعد ذلك يا رسول الله؟!!
حرام عليكم كحرمة يوم النحر في الشهر الحرام في البلد الحرام. تحريم ثلاثي.. من اليوم والزمان والمكان.. فهل تعلمنا الدرس؟!!
إن المسلمين هم أول من ابتعد عن الدرس.. وهم أول من لعب بهم الشيطان فادعوا أن للإسلام معني غير هذا المعني. الذي أعلنه الحبيب في أطهر بقعة. علي جبل عرفات. وهو يري نتاج دعوته الشريفة. يظهر أمامه وقد جاء الحجيج من كل فج عميق!!
لو تعلم المسلمون الدرس ما كان 11 سبتمبر الذي استغله الغرب بقيادة أمريكا ليكون حالنا هو هذا الحال؟!
لو تعلمنا الدرس ما غزا الأمريكيون وحلفاؤهم أفغانستان. والعراق.. ثم عدلوا خطتهم ليحاربونا بأيدينا. وليس بأيديهم.. ويقتلون المسلم بالمسلم. وهم في بلادهم آمنون.. فكانت تلك التنظيمات والمسميات التي سمعنا بها. وكلها تصب في خانة الإرهاب. ثم القاعدة. وداعش. والنُصرة. وبيت المقدس. وآخرهم مَن تخلي عن السياسة للإرهاب. كالإخوان والجهاد السلفي.. وكلهم فهموا الإسلام بطريقتهم الخاصة. ونسوا أو تناسوا هذه الكلمات العظيمة التي قالها الحبيب "صلي الله عليه وسلم" في مثل هذا اليوم: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا".
أين أنت يا حبيب الله لتري كيف استغل الأمريكيون والغرب بعض المسلمين ليمزقوا أمة الإسلام. وهم يدَّعون أنهم حُماة الدين؟!!
هل هي المصادفة بأن تكون وقفة عرفات يوم 11 سبتمبر.. أم أنها رسالة للمسلمين الآن. لكي يتذكروا كلمات الحبيب المصطفي. وهو يحرم علي الناس ــ كل الناس ــ دماءهم وأموالهم وأعراضهم؟!!
هل هي المصادفة أم أنها رسالة ليتوافق يوم عرفة مع يوم 11 سبتمبر لتكون رسالة للعالمين وليس فقط للمسلمين.. بعد أن وصل الأمر إلي أسوأ ما يمكن أن نراه من حال للمسلمين؟!!
** أمريكا وروسيا تتفقان ــ ولا تدري علي أي أمر اتفقوا. وما هي بنود الاتفاق.. إلا أنهما اتفقا علي سوريا.. وعلي هدنة في سوريا. هدفها فصل من يرونه إرهابياً عمَّن لا يرونه إرهابياً.. أي حسب رؤية أمريكا وروسيا. وليس رؤية المسلمين.. ولا رأي الإسلام.. وأصحاب الأرض في غياب.
** أمريكا وخمس دول أوروبية ترفض سيطرة الجيش "الليبي" علي موانئ تصدير النفط "الليبي" الجيش من ليبيا.. والنفط في ليبيا.. وهم يتدخلون ويرفضون!!
** الكونجرس الأمريكي يوافق علي حق أهالي ضحايا 11 سبتمبر في استخدام حقهم في اللجوء للقضاء لمطالبة الدول والجهات المسئولة عن جريمة 11 سبتمبر بتعويضات مالية "المقصود هنا هو السعودية أولاً. علي أساس أن زعيم القاعدة سعوي"!!
** أمريكا والغرب يتوافقون مع إيران.. وتركيا.. ومع أي عدو لحلفاء الأمس من المسلمين السُـنَّة.. ومازالت علاقاتهم قوية "خاصة أمريكا وبريطانيا" مع الإخوان.. ومازال هناك دعم خفي لهم ضد مصر.
** مئات. إن لم يكن آلاف من تنظيم داعش في ليبيا يحاولون دخول مصر هذه الأيام. وبعضهم تربطه علاقات قوية بقيادات في جماعة الإخوان.
.. هذه النقاط الخمس إذا وضعناها جنباً إلي جنب مع حُمي الاهتمام بالذكري الخامسة عشرة لأحداث 11 سبتمبر.. لعرفنا وتأكدنا كيف أن ما يحدث في المنطقة هو مؤامرة غربية ضد بلاد العرب والمسلمين!!
أعرف أننا نحن الذين نساعد ونساند الغرب في مؤامرته علينا.. لأننا بقصد أو بدون قصد. نعمل ما يريد. ونسير علي نفس الطريق الذي يرسمونه لنا. وبإتقان شديد.. وأعرف أن الظروف العامة صعبة جداً. خاصة الأسعار والتحديات الاقتصادية. وخطط الإصلاح الاقتصادي التي يعاني منها الغلابة والفقراء. والطبقة الوسطي.. مما زاد من آلامهم ومشاكلهم الحياتية.. ولكن انظروا حولكم.. واعلموا أن هذا ما يخطط لنا. والنماذج حولنا أسوأ مما نتخيل أو نتصور!!
إذا كانت الأزمة منا.. فالعلاج لدينا.. وهو العمل والإنتاج.. لابد أن نعمل وننتج.. لأن أزمتنا الحقيقية هي الاقتصاد.. ومشاكل الغلابة والفقراء. هي الغلاء وضعف الدخل.. أي أن الحل بأيدينا. وهو واضح وجلي لمن يريد!!
.. لا يعني ذلك أننا نبرئ الحكومة!!.. فالحكومة أيضاً عليها واجب كبير. وهو إتاحة الفرصة أمام الإنتاج. وكما تعمل لزيادة مواردها من ضرائب. أو قيمة مضافة. أو رسوم.. فعليها أن تنظر للفقراء نظرة مختلفة. لأن الضرائب معظمها للطبقة الوسطي. ويتساوي فيها هؤلاء مع الأغنياء في ظل غياب الضرائب التصاعدية. ولابد أن يقوم الأغنياء بدورهم وبشكل فعال. سواء في الإنتاج أو دفع الضرائب. وليس فقط من خلال الأعمال الخيرية والمساعدات الإنسانية برغم أنها اقتصاد مواز مميز لمصر!!
.. نعود إلي وقفة عرفات. وتحذير الحبيب المصطفي "صلي الله عليه وسلم": "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم".. فهل يعي المسلمون ذلك؟!!
لو عمل المسلمون بتعاليم الإسلام لفشلت كل مؤامرات الغرب بعد 11 سبتمبر.. بل ما كانت 11 سبتمبر فعلاً. إذا كان مسلمو القاعدة فعلاً هم مَن نفذوها. وليس المخابرات الأمريكية لإعداد العالم لغزوات أمريكا ضد المسلمين!!
نحن أحوج ما نكون الآن لتعاليم الإسلام الصحيح.. ولعل في خطبة الوداع تلك أفضل الدروس.. لو عملنا بها ما كان حالنا هو ما نحن فيه كمسلمين!!
كلمة أخيرة..
إن الله سبحانه وتعالي حَمي مصر بجيشها.. خير أجناد الأرض.. وأن الله سبحانه وتعالي هو الذي ساندنا ضد كل المؤامرات سواء بالداخل أو الخارج.. وسدد خُطَي مَن وقفوا إلي جوار مصر من المصريين. وغيرهم.. حتي خرجت من الأزمة الأولي.. ولابد أن نكون صفاً واحداً حتي نخرج من الأزمة الثانية. وهي اقتصادية.. وساعتها ستعود مصر أقوي إن شاء الله.. مصر بتعاليم الحبيب المصطفي "صلي الله عليه وسلم" الواضحة. ولا تحتاج لتأويل الإرهابيين.
همس الروح
اللهم في هذه الأيام المباركة. لا نملك إلا أن ندعوك كما أمرت. آملين أن تستجيب كما وعدت.
اللهم احفظ مصر وأهلها. واحفظ الإسلام والمسلمين. وجنبنا يا رب كل مؤامرات الداخل والخارج. وأخرجنا من ظلمهم آمنين مطمئنين يا رب العالمين.
اللهم هذا حالنا لا يخفَي عليك. وهذا ضعفنا ظاهر بين يديك. فعاملنا بالإحسان. إذ الفضل منك وإليك يا اللَّه.