يسرى السيد
يانواب الشعب حافظوا علي أوقاف أهل الله ولاتبيعوها ! "1-2"
عبرت عن فرحتي في هذا المكان منذ فترة عقبپ صدورتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي لوزير الأوقاف د.مختار جمعة منذ فترة بضرورة اِتخاذ كل الإجراءات للحفاظ علي أموال وأصول الأوقاف وحُسن استثمارها وإزالة أي تعديات عليها وضمان حقوق أموال الأوقاف والحرص علي تحصيلها.. وازداد ترحيبي عندما اسند الرئيس المهمة والإشراف علي استغلال ممتلكات الأوقاف إلي المهندس إبراهيم محلب إلي جانب ملف إعادة أراضي الشعب المنهوبة. وهذا يعني أن كلا النوعين من الثروة تعرضت للنهب وآن الأوان لاستعادة حقوق الشعب المصري فيها لان القضية تتعلق بثروة مصر من الأراضي الزراعية وأراضي البناء التي تشكل غالبية أرض مصر.. يعني الأراضي التي تقع تحت حيازة وزارة الأوقاف وبالتحديد هيئة الأوقاف المصرية.. القضية تتعلق بمعظم أرض مصر.. القضية تقدر بمئات الآلاف من المليارات.. أي والله ولا أبالغ إذا قلت إنها أكثر من هذا المبلغ بآلاف المرات.. لإنها ببساطة تتعلق بأغلب الأراضي المصرية في الصعيد والقاهرة والوجه البحري.. وطبعا تختلف القيمة من مكان لآخر ومن محافظة إلي أخري ومن الريف إلي الحضر.. ويكفي أن أقول إن القاهرة الإسلامية مثلا كلها أو أغلبها أراضي أوقاف وما أدراك ما سعر متر الأرض في قلب القاهرة !
وقد كتبت في هذا المكان مقالين الأول بعنوان : مافيا الأوقاف تسرق مصر يا سيادة الرئيس بتاريخ 18 فبراير 2016 والثاني بعنوان سيادة الرئيس أنقذ مصر من مافيا الأوقاف قبل فوات الآوان "2" بتاريخ 25 فبراير 2016!! وكررت الكتابة في نفس الموضوع اكثر من مرة ولن امل من تكرار الكتابة عن بعض حيل هذه المافيا والعصابات للاستيلاء علي أراضي الأوقاف ولا أبالغ إذا قلت بآلاف المليارات .
وللأسف ساهمت بعض القوانين في تسهيل عملية الاستيلاء حين أتاحت تقسيم الأوقاف إلي وقف أهلي وآخرخيري ولا مانع من عرض ما سبق أن كتبته لعل في الإعادة للمرة الخامسة إفادة لان المزادات مازالت مستمرة ومسلسل النهب مازال مستمرا.. سألت ومازلت اسأل : وإلاجابه المرة معروفة: هل يتم استغلال أراضي الأوقاف من أجل الحصول علي مبالغ أكبرلاستثمارها لصالح الأوقاف ؟
سأكون حسن النية وأقول يمكن ان يكون معهم حق رغم يقيني أن هذا يخالف وصية صاحب الوقف نفسه.. لكن تعالوا نكمل اللعبة معهم بهذا السؤال: تري هل تستفيدون كموظفين ومسئولين عن الأوقاف من هذه العمليات من البيع والاستبدال وفك الحكر وخلافه أم يتم ذلك لوجه الله؟.. .بمعني أدق ما هي نسبة العمولة التي ستحصلون عليها من هذه العمليات؟.. فإذا كانت لوجه الله- وهذا غير صحيح- فإن الله طيب لا يحب إلا الطيب من جهة.. ومن جهة ثانية نريد معرفة حجم المكافآت التي تقبضونها بشكل رسمي بعد كل عملية بيع واستبدال.. الخ؟.
طبعا لن يجيب أحد منهم لكن الأجهزة الرقابية في بلادنا عندها الخبر اليقين.!!. وبعيدا عن ذلك اطالب مجلس النواب بالتدخل الفوري باصدار قانون لانقاذ اوقاف مصر لوجه الله.. واقصد اصدار قانون بالغاء مايسمي بالوقف الاهلي الذي يعتبر حيلة ماكرة للاستيلاء بل لسرقه اوقاف اوقفها اصحابها لذريتهم فاذا بنا نخالف الوصية وبعكس ما اراد اصحابها بالاضافة للبيع الاوقاف علي غرار ماحدث مع اموال التأمينات!!
والحكاية ببساطة وفي البداية علينا أن نفسر يعني إيه "وقف" أو أراضي أوقاف واعذروني في هذا التوضيح التاريخي من كتب القانون والفقه والمراجع الدينية والتاريخية لنعرف أهمية وجذور هذه التسمية..
الوقف في اللغة هو: الحبس والمنع. وقد عرف الوقف "اصطلاحًا" بعض الشافعية بقولهم :"هو حبس مال يمكن الانتفاع به. مع بقاء عينه. علي مصرف مباح"... ..
يعني ليس بيعه او استبداله!!
والوقف نوعان: "وقف خيري" يتعلق بالجانب الخيري لصالح الناس عموماً. وهو ما ورد فيه حديث الرسول عليه الصلاة والسلام عن "الصدقة الجارية" التي يستمر ثوابها حتّي بعد ممات صاحب الصدقة.
أما النوع الآخر من الوقف الذي اقصده.. .هو "الوقف الأهليّ "الذّرّيّ"" الذي يوقفه المرء لصالح ذريته من بعده للانتفاع به.. ونظام "الوقف" صيغة تاريخية ابتكرها المسلمون للتقرب إلي الله من خلال المشاركة في بناء مجتمعاتهم وإعمار الأرض. وقد اقتبسها الغربيون ونقلوها عن الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر وأطلق عليها الغربيون لاحقا اسم "منظمات المجتمع المدني" والتي - ومن المفارقة - استوردنا مصطلحها منهم في القرن العشرين بعد أن همشنا دور الأوقاف ومحوناه من عندنا...
وأول وقف خيري عرف في الإسلام هو وقف سبع بساتين بالمدينة. كانت لرجل يهودي اسمه مخيريق. أوصي بها إلي النبي صلي الله عليه وسلم حين عزم علي القتال مع المسلمين في غزوة أحد. قال في وصيته: "إن أصبت ـ أي قتلت. فأموالي لمحمد ـ يضعها حيث أراه الله. فقتل. وحاز النبي تلك البساتين السبعة. فتصدق بها. أي حبسها.
پمن الأمثلة الأخري وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقيل هو ثاني وقف في الإسلام. ففي الحديث أنه أصاب أرضاً بخيبر. فجاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم.. وقال: يا رسول الله: أصبت مالاً بخيبر لم أصب قط مالاً أنفس منه. فبم تأمرني؟.. .فقال: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها".. فتصدق بها عمر علي ألا تباع ولا توهب ولا تورث. وتكون "أي منافعها وثمارها" في الفقراء وذوي القربي والرقاب والضيف وابن السبيل.
وفي العصر الأموي حدث تطور كبير في إدارة الأوقاف. فبعد أن كان الواقفون يقومون بأنفسهم علي أوقافهم ويشرفون علي رعايتها وإدارتها. قامت الدولة الأموية بإنشاء هيئات خاصة للإشراف عليها.. ..
وظل نظام الوقف الإسلامي يمثل علي مدي ثلاثة عشر قرناً صورة من أروع صور ينابيع الخير والتعاون الإنساني حتي آلت حال الأوقاف في العصور الأخيرة من عصور الدولة العثمانية إلي التدهور والجمود والإهمال. وتعرضت ممتلكاتها بسبب ذلك. إلي الانهيار والخراب. فقلت عائداتها وتضاءلت منافعها ورغم محاولات الإصلاح إلا أنها لم تؤت الثمار المرجوة خصوصا بعد دخول البلاد الإسلامية مرحلة الاستعمار الأوروبي وخصوصا الفرنسي الذي أدرك أن أهم المؤسسات التي تدعم الطبقـــة المتعلمة الواعية في وقوفها في وجه سياسة الاستعمار وخططه هي المؤسسات التي تعتمد علي الوقف كالمساجد والمدارس والزوايا والأربطة.
لهذا عمد المستعمر إلي التدخل المباشر في شئون الوقف ومؤسساته. وكان هدفه الحقيقي هو الحد من الدور الإيجابي للوقف ومؤسساته. خاصة في تنشيط الوعي الوطني ودفع حركة مقاومة المستعمر. وبانتهاء عهد الاستعمار. دخلت البلاد الإسلامية عهداً جديداً من التطور السياسي والاجتماعي تمثل في نشوء نظام الدولة الوطنية الحديثة علي النمط الغربي.وكانت تركيا أول دولة إسلامية تقوم بإلغاء النظام القديم للأوقاف ووضع ممتلكاته تحت الإدارة الحكومية الرسمية. وقد صدرت قوانين إلغاء الوقف الأهلي في عدد من الأقطار الإسلامية الأخري. ففي لبنان صدرت سنة 1947. وفي سوريا 1947م. ومصر 1952م. وفي العراق 1954م. وفي المغرب .1977